#17#
كان فيها خبر إسحاق بن نصير، فقال: ((قد كان يجيئني من دار الروميين غلام -ووصفه- فأسمح له بالنسخة بعد النسخة -يقال له: ((إسحاق))، وكان يعدني في كل شيء يأخذه إلى الصنع، وأخبرت أنه وقع بنواحي مصر وما حصل لي منه شيء!؟ فأخرجت الألف الدينار وقلت له: يقول لك: ((هذه ثمرة صبرك))، فكاد والله يموت فرحاً. فقلت له: ((ليست دراهم وهي دنانير!)). وانصرفت عنه وهو أحسن من في سوقه حالاً.
قال لي أحمد بن وليد: واجتزت بعد ذلك فرأيت دكانه معمورةً، وهو متصدرٌ فيها على أحسن حالٍ وأوفاها)).
8 - وكان بنحو دار العنقود شيخٌ يتنخس في الدواب -يعرف بابن الزنق- قد لحق بمصر أكابرها، ورأيته في أيام أحمد بن طولون قد علت سنه، وضعف عن التصرف. وكان له ابن أخت -خفيف الروح، مقبول الصورة، حلو الألفاظ، يتنخس في الدواب -فخف على قلب القاسم بن شعبة. وكان شعبة من أكابر أصحاب أحمد بن طولون، ومات في طاعته، فرد إلى القاسم ابنه إحدى الشرطتين بمصر. فانصرف ابن أخت ابن الزنق من عند القاسم وقد خلع عليه دراعة خز من تحتها جبة ملحم، فنظر إليها خاله ابن الزنق، فقال: ((ما هذه الخلعة الرائعة؟))، فقال: ((خلعها علي القائد!))، يريد القاسم بن شعبة. فقال: ((يا بني! إن كنت تصبر على التدلي معه في محنه، كما تتدلى في نعمه، وإلا فاعتزله، ولا تفضحنا بالقعود عنه في نوائبه))، فقال: ((أرجو أن يصونه الله وما أنعم عليه به، من نائبةٍ تلحقه، أو مكروه يقع به))، فقال: ((وأنا أرجو هذا أيضاً له، ولكن ينبغي أن لا تنسى نصيبه منك في الشدة، كما عني بك في النعمة)).