كتاب المكافأة وحسن العقبى

#26#
وإن آثر غير ذلك أن يسلف بنا، وهو في حل وسعة منه))، قال: ((ولم ذلك؟))، فقالوا: ((لنا ثلاثون سنة ما فكر في ابتياع شيء مما احتجنا إليه؛ ولا وفقنا بباب غيره. ونحن والله أيها الأمير نرتمض البقاء بعده من السلامة من شيء من المكروه وقع فيه))، وعجوا بالبكاء بين يديه. قال أحمد بن طولون: ((بارك الله عليكم فقد كافأتهم إحسانه وجازيتم إنعامه))، ثم قال: ((علي بيوسف بن إبراهيم))، فأحضر. فقال: ((خذوا بيد صاحبكم وانصرفوا)). فخرجوا معه؛ وانصرف بهم إلى منزله)).
14 - قال:
((وطالبني بعض عمال الخراج بمصر بمالٍ زاد على ما في حاصلي؛ فاحتجت إلى معاملة بعض التجار عليه؛ فدللت على رجل من أهل الشام يعامل برهون؛ فصار إلي -وأنا في بيت المال- منه شيخٌ حسن الصورة جميل اللقاء، فقال: ((إلى كم تحتاج؟)) قلت: ((إلى مائتي دينار)). فأخرج من كمه مالاً فوزنه، واستزاد من غلامٍ كان معه دنانير حتى أكمل المائتين، ثم سلمها إلي واقتضاني خطًّا بها، وقال: ((قد كفيت مؤونة الرهن))، فقلت: ((فكيف أكتب الخط؟)) قال: ((بمائتي دينارٍ كما أعطيتك))، فقلت له: ((سبيل المعاملة غير هذا!))، فقال: ((والله لا قبلت منك فيها ربحاً، ولو وهبتها لك لكان من أصغر حقوقك عليّ))، ثم قال لي: ((تعرفني؟))، قلت: ((لا!)).
قال: ((ركبت مركباً أريد الفسطاط من تنيس، وحملت فيه تجارةً لي

الصفحة 26