كتاب المكافأة وحسن العقبى

بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا أبو محمد عبد الله الفرغاني، قراءً مني عليه، قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن يوسف الكاتب، قراءةً مني عليه، قال:
شدد الله فكرك، وأحسن أمرك، وكفاك مهمك
إن أشد على الممتحن من محنته، عدوله في سعيه عن مصلحته، وتنكبه الصواب في بغيته، ولكل وجهة من الجدوى مأتى تستنزل به عوائدها، ويقرب معه ما استصعب منها، يستثيره حسن الروية، [ويهدي إليه] صالح التوفيق.
وقد رأيتك لا تزيد من رغبت إليه -فيما تحدوه على برك، وتحثه لما أغفل من أمرك- على نص مكارم من سلف. وترى أنه يهش إلى مساجلتهم، فلا تبلغ في هذا أكثر من إحراز الفضيلة للمرغوب إليه، ولا توجد في الراغب فضيلةً تحثه على شفيع قصده. ولو عدلت عن مكارم من رغب إليه، إلى حسن مكافأة من أنعم عليه، لكانت لك ذرائع يمت بها الراغب، توجد المرغوب إليه سبيلاً إلى الإنعام، وتفسح أمله في مواترة الإحسان.
ولم يؤت الجود من مأتًى هو أغمض من مغادرة حسن المكافأة. ولو أنعمت النظر فيها: لوجدتها أقوى الأسباب في متع القاصد، وحيرة الطالب. ولو كانت توجد مع كل فعل استحقها، لآثر الناس قاصديهم على أنفسهم، ولجروا على السنن المأثورة عنهم.

الصفحة 3