[2] المكافأة على القبح
33 - حدثني أحمد بن يوسف بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، عن أبيه، عن جده مولى عبد الله بن المقفع -أن عبد الله حدثه، قال:
((كان فيما ترجمته من سير الفرس: أن فيروزاً لما تقلد مملكة فارس حدثته نفسه باجتياز بلد الهياطلة. وكان به للهياطلة ملك صحيح الرأي حسن الجوار، فجمع ذوي الرأي في بلده وسألهم عما يرون، فعرضوا عليه أموالهم والخروج معه، فجزاهم خيراً وانصرفوا. وخلا به وزيره -وكان عالي السن- فقال له: ((أيها الملك إن يسير الحيلة ربما بلغ أوفى منازل المكافحة والذي عندي من الرأي أن تظهر السخط علي فتقطع يدي ورجلي، وتنفيني إلى أقاصي عملك، وتكتب إلى عاملك هناك في حبسي، وتظهر أنك تبينت مني ميلاً إلى فيروز))، فقال له: ((إن حسن الحيلة إنما يقع بغير إضرار يلحق صاحبها، وإذا بلغنا بك هذا، فقد جاوزنا بك ما تخافه من فيروز لو حصلت في يده)).
فقال: ((أنا مذ تكامل تمييزي أحسب مالي وعلي، فإذا وهبت لي نعمةٌ علمت أن علي فيها محنة، وأن الرغائب بالنوائب. وقد عشت في سلطانك -أيها الملك- في هذه السن العالية، عزيز الجانب، خصيب الأفنية، وشملي في نهاية من رفاغة العيش. وليس من الجميل أن أمسك عن قضاء حق النعمة علي لسلطاني وشملي وأهلي وولدي وصيانتهم مما عراهم بنفسي. وأعلم