كتاب المكافأة وحسن العقبى

#60#
الشوارع حتى سهل شكوى أمه!)). ثم أمر بإخراجي، فخرجت، فوجدت أمارات الغضب في وجهه، فوقفت ساعةً لا يرفع فيها وجهه إلي، ثم قال: ((نطعٌ))، -فأوهمني أن الواثق أمر بضرب عنقي- فبسط بين يديه، ثم أومى إلى الغلمان بإدخالي فيه، ولم أشك في القتل، ثم قال: ((الحجام))، فقلت: ((أظنه يخلع أضراسي قبل قتلي))، وأنا في سائر هذا قائمٌ. فلما وافى الحجام قال: ((احلق شعره))، فأجلسني يحلق شعري. فآليت على نفسي أني لا أستبقيه لحظةً إن ظفرت بالخلافة)). فمات محمد بن عبد الملك بالتنور في اليوم الثالث)).
35 - وحدثني نسيمٌ خادم أحمد بن طولون، قال:
((صار إلي ابن سليمان بن ثابت -وكان ابن سليمان هذا يكتب لخادم يعرف بشقير، يتقلد الطراز من خدم السلطان، ثم عمل سليمان بعد ذلك لأحمد بن طولون على أملاكه- ومعه رقعةٌ، فقال: ((توصلها لي إلى الأمير؟)). فقرأتها، فكان يذكر فيها أن شقيراً أودع أباه أربع مائة ألف دينار. فلما قرأها الأمير قال: ((انظر ما تقول واصدقني عنه!))، فقال: ((الأمر والله على ما وصفته للأمير))، فقال: أمسك عن هذا، واطو مجيئك إلي عن أبيك وعن سائر الناس، وانصرف مكلوًّا)).
فقال: ((فكثر تعجبي من إمساكه عن ذكر هذا لأبيه، فلم يمض حولٌ حتى

الصفحة 60