#70#
فثقل ذلك على ابن مدبرٌ، وقال: ((ما ينبغي أن يثق السلطان -بمن لم يكن لعشرة ألف دينار في عينه قدرٌ- على طرفٍ من أطراف مملكته!)).
فلما مضت أيام بعث إليه: ((قد كنت أنفذت إلي طائفةً من برك فرددتها عند وقوع الاستغناء عنها، وقد بلغني أن عندك مائة رجل من مولدة الغور، وبي إليهم أمس حاجة)). قال ابن المدبر: ((قد ظهرت في هذا الرجل علامةٌ أخرى، يرد الأعراض والأموال، ويستهدى الرجال!)).
وكان حسين بن شعرة -مضحك المتوكل على الله- قد انضوى إليه، فحمى به ضياعه وأملاكه. ووقف على استثقال ابن مدبر لأحمد بن طولون، وأخرج حكايته في تزمته وكلامه، فيضحك ابن مدبرٌ ومن حضره، فاتصل ذلك بابن طولون، فأحضره ثم قال له: ((بلغني أنك تتنادر بي، ولك في الناس مندوحةٌ فاحذرني، فإنك إن وقعت لم ينفعك ابن المدبر ولا غيره))، فجحد هذا واعتذر إليه منه. ثم انصرف إلى ابن المدبر وقال: ((يا سيدي! لو شاهدت أحمد بن طولون يؤنبني!))، فقال: ((ما قال لك؟))، قال: ((اصبر حتى أريك حكاية صورته ومعاتبته))، ثم تلبس وجلس يحكيه ويقتص ما لقيه به. ثم اتصل ذلك بأحمد بن طولون فأمسك عنه، وتتبع غوائله.