#71#
((واضطربت الرعية لنزاع السعر، وقد بلغ ثلاثة أرادب حنطةٍ بدينار. فركب وتقدم بعقوبة القماحين، وازدحمت النظارة من السطوح عليه. فوقع مركنٌ فيه ريحان إلى الأرض، بمزاحمة من تشوف إليه من النساء، فمسح كفل دابة أحمد بن طولون، فسأل عن الدار: ((لمن هي؟))، فقالوا: ((لحسين بن شعرة!))، فأحضره وضربه ثلاثمائة سوط، وطاف به. وكان ما أوقعه به من أجل متقدم سوالفه إليه، ولم يفلح الحسين بن شعرة بعدها.
((وزاد أمر أحمد بن طولون في القوة وزيادة المال ووفور الكفاية، حتى تهيبه ابن مدبر، فحدثني أبو العباس الطرسوسي، أنه سمع أحمد بن طولون يقول له: ((يا أبا الحسن! أنشدك الله إن تعرضت لي ولا ترسمت بعدواتي، فقد اجتهدت في استصلاحك فلم أصل إلى ذلك))، فقال له ابن مدبر: ((والله ما أرد أمرك فيما أتقلده، وإني فيه كالمقيم من قبلك، فأي شيء أنكرت علي حتى أتجنبه؟))، فقال: ((أنكر عليك المكاتبة إلى الحضرة، وقد قلدتك البغي))، فحلف له ابن المدبر أنه لا يكتب إلا بشكره.
((وصرف ابن المدبر عن مصر بأبي أيوب -ابن أخت أبي الوزير- فلما أجمع الشخوص عنها قال له أحمد بن طولون: ((يا أبا الحسن، لو أردت بك سوءاً لقدرت عليه، وأحتاج إلى أن تجدد تلك اليمين))، فحلف له بالمحرجات أنه لا يألو حرصاً في تزيين آثاره وتطييب أخباره، وأشهد عليه الله بذلك. وخرج عن مصر متقلداً للشام فأقام مع ماجور.