كتاب المكافأة وحسن العقبى

#72#
((فحدثتني نعت مولاة أحمد بن طولون؛ وأم ثلاث بناتٍ كن له - فقالت ((كنت عند مولاي بائتةً فسمعته يحلم في نومه، فخفت أن أنبهه فينكر علي هذا، فانتبه وجلس ومسح عينيه وقال: ((خيرٌ إن شاء الله)). فسألته عما رأى فقال: ((رأيت ابن مدبرٌ قائماً في وسط برية، ومعه قوسٌ موترةٌ وسهام، وأنا تجاهه قائم، ومعي جميع السلاح إلا القوس، وبيننا نهر، فكأنه يسدد السهم نحوي ويرمي، فأخطأني. وكأن قائلاً يقول: ((لو رماك يومه كله لما أصابك به، لأنه عاهدك، وما يضر هذا الفعل غير نفسه)) فكأنه اشتد علي انهماكه في الرمي لي، وليس في يدي غير سيفٍ وشرخ وما أشبههما، لا تعمل في البعد، وقد حال النهر بيني وبين العبور إليه. فإنا على هذا، حتى نضب النهر فلم يبق فيه قطرة، فعبرت إليه، فكأني كنت كلما قربت منه يصغر، حتى صار بمنزلة من يواريه الكف، فأخذته بيدي أستطرفه، ثم ألقيته من قامتي على رأسه فمات. فتأولت سهامه: المكاتبة في والتحريض علي، والنهر الذي منعني منه: مقام ماجور بدمشق، ونضوبه: موت ماجور، وصغره: قدرتي عليه، واحتيازه في كفي: قبضي عليه، وقول القائل لي في السهام أنها تخطئك: أن الله لا يعينه علي)).
((فحدثت هذا الحديث سعداً الفرغاني -غلام ابن طولون- فقال لي ما سمعت بهذا إلا منك، والذي عندي من خبره مطابق لهذه الرؤيا. وذلك أن الحسن بن مخلد برم بكيد الكتاب وانتقاض الأولياء. فكتب إلى أحمد بن طولون يذكر له رغبته في المقام بمصر. فكتب إليه أحمد بن طولون: ((إنما أنا وليك، ومقام صنيعةٍ من صنائعك!)). وصوب رأيه فيما آثره. فحج من

الصفحة 72