#75#
فرأيت ميمنة خمارويه قد انهزمت، وتبعتها ميسرته، فحمل في شرذمة يسيرةٍ على جيش ابن أبي الساج -وهو في غاية من الوفور- فانهزموا بأسرهم.
فوقف على نشز، وأطفت ومن حضره به، فاستأمنت إلينا عدة كثيرة. فقلت له: ((إن مقامنا أيها الأمير مع هذه الجماعة خطرٌ)) فأمرني بالمسير بهم إلى مستقر سواده. فسرت معهم -وأنا على رقبةٍ من طمع فيه أو كيدٍ له- فبلغوا نهراً احتاجوا إلى عبوره، فرأيتهم قد خلعوا الخفاف وحطوا الرحال، وسلكوا سلوك المطمئن، فأنست إليهم)).
47 - وكان في حارتنا شابٌّ قد قدم من العراق، ذكي الروح هادئ السعي، يذكر أنه قرابةٌ لابن يعفر القائم كان باليمن، وكان بمصر في دون قومه، فأشار عليه من شاهد ابن يعفر وسعة أمره، بالخروج إليه، فأخذت له حجةً من بعض أهلنا، وأضفت إليها برٍّا يفي بتحمله، وخرج. فلقي بمكة عجوزاً يمانيةً جليلة القدر فيهم، فعرفها موضعه، فقالت: ((أنا أتكفل بمؤونتك وتحملك، وأغتنم هذه اليد عند الأمير))، وحملته حتى صارت به إلى عشيرتها، فقالت لهم: ((إن ابن يعفر قتل منا في العام الماضي رجلاً، ومعي قرابةٌ له فاقتلوه به))، واجتمع الحي، وتسلمه أولياء القتيل، فلما جرد السيف اضطرب وبكى، فقال أولياء القتيل: ما نرضى أن نقتل هذا بصاحبنا، صاحبنا شجاعٌ وهذا جبان!)).
فبعثوا به إلى ابن يعفر، وقالوا لرسولهم إليه: ((إنا لا نرضى أن نقتاد من هذا))، فلما وافى ابن يعفر، دعاء له بالسيف والنطع ليقتله، وقال: ((هتكتني في