#79#
بشعر جمة ميخائيل، ودعا الطباخين فأمرهم أن يعدوا له طعاماً كثيراً مثل ما يعد في الأعياد، ثم قال للبطارقة -وميخائيل بين يديه على تلك الحال-: ((إذا نحن تقربنا في غدٍ، ألقيت ميخائيل في البحر، ثم تغدينا وجعلناه يوم سرور!)).
قال بطرس: فاجتمع البطارقة بعد انصرافهم من عنده وقالوا: ((هذا العربي قد امتدت يده إلى ميخائيل، ونخاف أن يجترئ على كافتنا))، فأجمعوا على الاشتمال على سيوفهم، والدخول إليه وقتله، ففعلوا ذلك. ثم جلسوا للمشاورة فيمن ينصب بمكانه، واستشرف كل واحد منهم إلى أن يكون ملكاً، فقال أحدهم لسائر الجماعة: ((الصواب أن تملكوا ميخائيل؛ فإنه يرى أنكم أنعمتم عليه بالحياة)). فاستشرفوا إلى ذلك؛ ورأوا موضع السداد منه، فأخرجوه من التليس وغسلوه، وأحضروا البطريق وثياب الملك فألبسوه إياها، وأعلموه أن اليون قد قتل، وملكوه عليهم.
ثم صاروا إلى مجلس المملكة والموائد منصوبةٌ، فقالوا له: ((تغد أيها الملك بالطعام الذي دبر اليون أن يأكله بعد قتلك!))، فقال ميخائيل: ((عارٌ بالملك أن يطعم طعاماً وفي عنقه يدٌ لإنسانٍ من أوليائه ورعيته، قبل أن يكافئه عنها، وقد أحييتموني بعد موتي، ولست أطعم طعاماً حتى يخبرني كل إنسان منكم بجميع حوائجه في مدة عمره)). فقال كل واحد منهم ما تناهى إليه أمله، مما يصل ميخائيل الملك إليه. فقضى جميع حوائجهم، وسألوه الأكل فقال: ((قد فرغنا مما يجب لكم، وبقي [ما] لله وللملك اليون، ولا يحسن بي أن آكل حتى أفعل ما يجب لهما))، ثم قال للبطريق: ((ما جزاء من منع ملكاً عليه من شم النسيم وروح الحياة؟))، قال البطريق: يمنع النسيم وروح الحياة))، فقال لهم: ((قد حكم عيكم البطريق بما لا يجوز خلافه!)). وأمر بضرب أعناقهم وابتدأ بطعامه.