#81#
الملك ترجماناً آخر، فقص عليه قصته، فضرب عنق الترجمان، وأحسن تلقي سيف بن ذي يزن لما تبين منه في التأتي لإفهامه.
ثم أحضره مجلسه فسأله عن مقدار حاجته، وما الذي يؤثره من أصناف الناس؟ فقال له: ((اسأل الملك أن يطلق لي من محابسه الكهول، فإنهم أصبر في المعارك، وأسمح بالنفوس، فأطلق له جملة من [في] الحبس كهولاً بأسرهم، فحملهم في مراكب، وركب معهم حتى وافى مملكته.
فلما نزل جميعهم، أحرق المراكب، واعتمد ذلك سراً منهم. فلما نظروا إلى المراكب قد أحرقت، قال للرجال: ((إنه لا يحسن بكم التعذير في القتال فتهلكوا، ولكن جدوا جد من لا نجاة له في البحر)). فجرد الجيش العناية، وصدقوا حتى برزوا على من أقام بمملكته، واحتازوا له طائفةً كبيرةً من أرض الحبشة، وقهر ملكها واتقى جانبه.
51 - وحدثني هارون بن ملول، قال:
((تقلد أبو الوزير -خال أبي أيوب- الخراج على حال اضطراب من الأولياء، واستعمل -من فرط الاستقصاء على أرباب الخراجات، وإخراج البقوط عليهم- ما ثقلت به وطأته على الناس. وكان له كاتب ذهب عني اسمه، في النهاية من الجزالة والضبط، وكان يعزى إليه أكثر صنيع أبي الوزير، فقال لي هارون: ((فقصده جماعةٌ من الأولياء، فأحس بالشر فيهم، فأغلق الباب عنهم، ثم تأملهم حتى عرفهم، فكتب بفحمةٍ: ((يا سيدي قتلني فلان وفلان))، وسمى جماعة رؤسائهم، وكسروا الباب ودخلوا إليه فقتلوه.