كتاب المكافأة وحسن العقبى

#83#
ولا تردوني إلى يد الأمير، فإني هربت منه))، فقال بعضهم: ((ردوه إلى يد الأمير فإنه يقتله، ويكون لكم بذلك عارفةٌ عند الأمير)). فساقوه إلى دار [الإمارة]، فأخذ يتضور ويتأبى في سياقته حتى قرب من الدار، فقام إليه الشرط. فقال: ((لا يفوتنكم منهم أحدٌ!))، فجمعوا له، فأتى على آخرهم، ولم يعاود التنكر)).
54 - وكنت أعرف شيخاً في أيام خمارويه، حلو النادرة، مليح الألفاظ، يعرف بالدفاني، وكان معاشه من التوصل بكتب الولاة إلى معامليهم. فحدثني أنه خرج بكتبٍ إلى الشرقية، فالتقى مع رجل في زي بعض المانية من الأطباء: ((وهو على حمارٍ بخرجين، وكنت على حمار. فاستخبرني عن صناعتي، فتحسنت عنده بأن قلت: ((أنا تاجر في الغلات))، فطمع في، وكان مبنجاً، فقال لي: ((هذا موضعٌ طيبٌ، فلو أكلنا فيه!))، فقلت: ((ذاك إليك!))، فأخرج من أحد خرجيه رغيفين مشطورين، فوضع أحدهما بين يدي والآخر بين يديه, ثم أخذ كوزاً معه ومضى يسعى به، فشرهت نفسي إلى الرغيف الذي كان بين يديه، فأبدلته حتى صار بين يدي وصار رغيفي بين يديه، وجاء بالماء، وابتدأنا بالأكل، فما ابتلع لقمةً حتى شخص بصره وتمدد، واجتاز بنا جماعة فقالوا: ((ما لصاحبك؟))، قلت: ((لا أدري والله!))، فقالوا لي: ((أنت مبنجٌ بنجت هذا المسكين!))، وساقوني.
فكان من لطف الله أن خليفة لموسى بن طونيق كان ببلدهم ويجاورني يتقلد المعونة، فساقني القوم إليه، والرجل محمول معنا، وهم يقودون

الصفحة 83