كتاب المكافأة وحسن العقبى

#91#
وكان لعبد الله بن القاسم الغنوي -أحد أصحاب الأعمش- محلٌّ من المهدي، ولم يكن في المجالس التي تنعقد ببغداد في الفقه أجل من مجلسه. فدخل أبو يوسف مع كافة من دخل، من غير تسليم على عبد الله، ولا مقدمة لحضور مجلسه. وكان أبو يوسف حسن الصورة، جميل الإشارة، لطيف التخلص والاحتجاج، فقبله قلب عبد الله ولم يعرفه.
((وجرت مسائل وأجوبةٌ، كان حظ القياس فيها مقصراً، وكان الاحتجاج على ظاهر القول. فتكلم أبو يوسف فيها فأحسن الاحتجاج وجود، وأعانه على هذا طول لسانه وحسن بيانه، ثم سألهم فقصروا عن الجواب، فأبان عنه لهم برفق. فلما تقضى المجلس عاتبه عبد الله على تخلفه عنه وتعريفه مكانه، وسأله أين نزل، فأخبره، فرغب له عن الموضع الذي سكنه، ودعاه إلى منزلٍ بالقرب منه، وقرر خبره عند أبي عبيد الله كاتب المهدي، فوصله بالمهدي وأسنى رزقه؛ ثم قرنه بالهادي فأقام معه مدة أيامه؛ وبلغ مع الرشيد ما لم يبلغه عالم بعلمه، ولا محبوبٌ بمرتبته)).
58 - وحدثني علي بن سند -وكان انقطاعه في أيام الموفق والمعتضد إلى أحمد بن محمد بن بسطام، وكان آل عبيد الله بن وهب يحقدون [عليه] سوالف منكرةً، ولم يكن مع عبيد الله من سوء المباداة ما مع القاسم ابنه. فلما حبس أحمد بن محمد بن بسطام، قبض علينا معاشر خلفائه في الأعمال،

الصفحة 91