كتاب المكافأة وحسن العقبى

#93#
فقال: ((وأين بيتك بالفسطاط؟))، فقلت: ((في دور عباس بن وليد))، فقال: ((ما اسمك؟))، قلت: ((محمد الغوري))، قال: ((امض لشأنك)). وجاء منهم من قلع ثيابي وسراويلي، وانصرفوا عنا. ولم أزد أن سوغت واحداً منهم جميع ما كان معي، ودخلنا إلى الفسطاط ونحن فقراء. فرجع كل واحد منهم إلى ما تخلف له، وبقيت ليس معي درهم أنفقه.
((وإني لجالس على درجة المسجد بين المغرب وعشاء الآخرة، حتى رأيت رجلاً قد وقف بي، فقال لي: ((هاهنا منزل محمد الغوري؟))، قلت: ((أنا هو!))، ولا والله! ما اهتديت إلى الرجل الذي أعطيته المال، لأنه كان عندي أول مالٍ ذاهبٍ، فقال لي: ((عنيتني!))، وأخرج الكيس فدفعه إلي، فردت علي جدتي وتطعمت الحياة.
وكان بالقرب منا قائد يعرف بابن قرا، كنت معاملاً له وكان له محلٌّ، فسألت اللص المبيت عندي ففعل. فأصبحت وصرت إلى ابن قرا وقصصت عليه قصة الرجل، فقال لي: ((الطف لي فيه، فوالله لأنوهن باسمه، ولأكافئنه عنك)). فرجعت إليه فأخبرته، فوالله ما ارتاع ولا اضطرب، ومضى معي؛ فأحسن تلقيه، وخلع عليه، وصيره سيارةً لعمله، وضم إليه عدة وافرة. ولم يزل في حيزه إلى أن توفي)).
60 - حدثني أحمد بن أبي يعقوب، عن أبيه، عن جده واضح، قال:
((كانت بين المهدي وأخيه جعفر بن أبي جعفر عداوةٌ في أيام المنصور، وكان مصقلة بن حبيب ينقل عنه إلى جعفر ما يكره، ولا يمكن المهدي أن يسطو

الصفحة 93