كتاب المكافأة وحسن العقبى

#96#
إلى جماعتنا مائدةً، فلما طعمنا بعث إلينا خادماً: ((إن جيشاً كان قد عزم على قتلكما كما قتل أخاكما، فاقتلاه وخذا بثأركما منه، وانصرفا على أمانٍ))، وبعث إلينا خدماً، فتسرعوا إليه فقتل. وانصرفنا إلى منازلنا وقد كفينا عدونا)).
62 - وحدثني منصور بن إسماعيل الفقيه، قال:
((خرج رجل نعرفه بتجارةٍ، قصده إلى الهند؛ فرجع إلينا بأنواع من الطيب كثيرةٍ لها قيمةٌ خطيرة، وهو في نهاية السرور، فقلنا له: ((كم ربحت في التجارة التي خرجت بها من عندنا؟))، فقال: ((غرقت وسائر من كان معي، فسلمت بحشاشة نفسي في جزيرة من جزائر الهند، فتلقاني قوم فيها وجاءوا بي إلى ملكهم فقال لي: ((قد نفدت الموهبة الخارجة عنك، فما معك من الموهبة الثابتة عليك؟))، قلت: ((معي الكتاب والحساب))، فقال الملك: ((ما بقي لك، أفضل من الذي ذهب منك، والصواب أن تعلم ابني الكتاب بالعربية والحساب، فأرجو أن نعوضك أكثر مما [فقدته]))، وسلم إلي من ابنه: أذكى صبي وألطفه، فتعلم في مدة يسيرة ما يتعلمه غيره في مدة طويلة.
فلما رأى أنه قد توجه واستحققت منه الإحسان، صار إلي صاحب الملك فقال: معي هدية من الملك إليك، وأدخل إلي بقرة فتيةً، ثم قال: ((أدفعها لك إلى الراعي؟))، فقلت: ((افعل))، وصغر في عيني أمر الملك على عظم شأنه. فما مضى زمنٌ قصير حتى جاء الراعي فقال: ((ماتت البقرة!))، واستقبلني كل خاصة الملك بالتغمم. ثم ظهر في ابنه تزيدٌ، فبعث إلي ببقرة فتية أخرى فرددتها إلى الراعي، فما مضت مدة يسيرة حتى وافى يبشرني فقال: ((قد حملت

الصفحة 96