#99#
قال أبو محمد: ((فبكى والله أبي عند هذا الفصل من حديثه حتى خفت عليه، وقال: ما أجهل الناس بقدر ما فقدوه من هذا الرجل!.
قال الكاتب: ((فخرجت وبثثت الرسل في طلب الشامي حتى وجدوه، فوافاني وقد انحط أكثر لحمه في يومٍ واحد، فقصصت عليه القصة، فحمد الله وأثنى عليه وشكرنا جميعاً، وقبض المال وانصرف على أحسن حال)).
64 - وسمعت يوسف بن إبراهيم والدي، وهو يقول:
((كانت بيني وبين أحمد بن محمد بن مدبر سوالف ترعى ويحافظ عليها، فلما تولى مصر رأى حسن ظاهري، فظن ذلك عن أموالٍ جمةٍ لدي، فجد بي في المطالبة، وأخرج علي بقايا لعقودٍ انكسرت من آفات عرضت لضياعها، ولم يسمع الاحتجاج فيها، واستقصر ما أوردته، و [ظنه] إنما كان عن حيلةٍ، فاحتبسني مع المتضمنين. فكان يغدو في كل يوم غلامٌ له يحجبه يعرف بفضل، فيكتب على كل رجل ما يؤديه في يومه، فإن شكا أنه لا يصل إلى شيء، أخرجه فحملت عليه الحجارة، وطولب أعنف مطالبة.
((فلم يزل بي إلحاحه حتى بعت حصر داري فضلاً عما فيها، وعرضت داري فمنعني من بيعها، ووجه إلي: ((فأين يكون حرمك؟)). فوافاني كاتبي في يوم من الأيام فقال لي: ((يشهد الله أنا ما نصل لك اليوم إلى ما يقيمك، فضلاً عن شيء تؤديه!)).
وأمسك فضل غلامه عن الدخول في ذلك اليوم علينا، وتعرف ما يؤديه كل واحد منا. فلما صليت الظهر من ذلك اليوم أنفذ إلي توقيعاً نسخته:
((يا أبا الحسن أعزك الله! قد ألويت بما بقي عليك، وهو سبعة عشر ألف دينار، وآثرنا صيانتك عن خطة المطالبة هذه المدة، فإن أزحت العلة فيها،