كتاب محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر وناصر السنة

ومنذ ذلك اليوم وحتى وفاته لم يقف ساعة عن العمل الذي اختص
به من تصحيج وتصنيف كل حديث يمر به، وما أخله أو توقف عنده،
كان يعود إليه مرات ومرات، وكان من نتيجة ذلك هذا الكم الهائل من
صحاح ا لأحاديث وضعافها، وتنقية السنة من كل دخيل ومكذوب (1).
وقد بلغ الذروه في الصبر والتحمل حينما صام أربعين يوماً متواليات
ليلاً ونهاراً عن كل شيء إلا الماء، تطبُّباً وطلباً للشفاء من بعض الأمراض
التي كان يعاني منها، بعد أن قرأ كتاباً لأحد الأطباء يشرح فيه كثيراً من
الأمراض يُشْفَى منها بالصوم، فكان رحمه الله تعالى يواظب خلال هذه
المدة على عمله ودروسه وتأليفه، ويمارس كل النشاط الذي كان يقوم به
في ا لأيام العادية، بما في ذلك ا لأسفار وإلقاء الدروس والصحاضرات، وإن
هذا - لعَمْرُ الله - قمة في مضاء العزيمة، والصبر على المكاره، وعجيبة
من عجائب الدهر (2).
وما جاء عنه أنه لم يفتر عن الجلوس وراء مكتبه للتأليف والتخريج
حيث كان يأتي بالكتب إليه بعض أبنائه وأحفاده إلى آخر خمسين يوماً في
عمره الميمون رحمه الله، وذلك لما وَهَنَ بدنه، ونحل جسمه، وضعفت
قوته.
وما ذكره ابنه الفاضل عبد اللطيف بن محمد ناصر الدين الألباني:
أن الشيخ رحمه الله طلب منه قبل ثمانٍ واربعين ساعة من وفاته إحضار
كتابه (صحيج سنن أبي داود) لينظر فيه شيئاً وقع في قلبه، وورد على
خاطره.
(1)
(2)
مجلة الفرقان: 15 1/ 19.
مجلة البيان: 4 4 1/ 4 4 1.
43

الصفحة 43