كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

ومدحه للملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- في قصيدته "لقاء القائد بالشعب" يقول فيها:
يا أبا خالد يحييك شعب ... حبه فيك قد أذاب فؤاده
أنت أعطيته الرعاية والعطف ... فأعطاك قلبه ووداده
أنت أعطيته السعادة والعز ... فأعطاك مخلصًا أكباده
أنت حققت حلمه وأمانيه ... وحسدت بالفعال مراده
كل يوم لنا ابتهاج وعيد ... بأياديك نهضة وإشادة
أيّ شعر يوفيك حقك والشعر ... عيي وإن أجاد جياده
أنت فوق القصيد فوق الأناشيد ... خلالا وعزة ومجاده
غير أن الشعور يتخذ الشعر ... سبيلًا إلى العلا مستجاده
وإذا الروض جاده القطر ... غني كل طير ورغردت كل غادة
عشت يا فيصل العروبة للشعب ... إمامًا وفي يديك القيادة1
وأشاد السنوسي بالملك فيصل في قصائد كثيرة ذكرتها في مكانها من الغرض الأول وهو الشعر الإسلامي؛ لأنني رأيت فيصلًا فيها قد أصبح شخصية عالمية، وزعامة إسلامية كبرى، ذابت فيها فرديته في قضايا الأمة الإسلامية ومبادئها السامية، فأصبحت هذه القصائد لا تمجِّد شخصه، وإنما هي تصوير لواقعنا الإسلامي والعربي، وتعبير عن مبادئ التشريع الإسلامي، فخرجت عندي بذلك على قصائد المدح المعروف، والتي دخلت فيها القصيدة السابقة "لقاء القائد بالشعب" لأنها أدخل في باب المدح، لكنها مع ذلك ليست مدحًا فرديًّا، لكنه مدح تجاوبت فيه أصداء الراعي مع الرعية يتمسكون جميعًا بالقيم والمباديء في سبيل نهضة بلادهم ووطنهم السعودي، فهو مدح جديد وهو "المدح الاجتماعي".
ولست مع الدكتور بكري شيخ أمين في أنَّ السنوسي كان معظم شعره في الغزل والمدح كسائر الشعراء في عصره، فيقول ما نصه:
"فريق من الشعراء انحاز إلى الموضوعات التقليدية فكانت معظم قصائده في الغزل أو المديح أو في غيرهما كابن عثيمين، وعبد الله الفيصل، وغادة الصحراء، ومحمد بن علي السنوسي، وفؤاد شاكر، وأحمد الغزاوي، وأحمد جمال"2.
والسنوسي ليس كذلك، فقد رأينا أن معظم الأغراض عنده غلب عليها غرض الشعر
__________
1 الينابيع: ص45/ 46.
2 الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية: ص274/ 275.

الصفحة 109