كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

وكذلك قصيدته "وردة" التي أهداها إلى الأستاذ الكبير عبد القدوس الأنصاري تحية لكتابه "تاريخ جده" ومطلعها:
أضاف إلى سنا التاريخ جده ... كتاب صيغ في "تاريخ جده"
إلى قوله:
كتابك تحفة للتاريخ فنًّا ... وأسلوبًا وتحقيقًا وجوده
زففت به إلى الدنيا عروسًا ... لأعتاب مقدسة وسده
تألق حسنها وأضاء حتى ... أعاد شبابها للبحر مده
ففاض على جوانبها غزيرًا ... ومد ذراعه خيرًا وزنده
وصفق قلبه الجياش شوقًا ... إلى ثغر الحجاز وهز قده
وغازل في شواطئها الأماني ... ترف نضارة وتموج رغده
وغرد للجمال وقد تجلى ... يضم الروض سوسنه ورنده
بلغت أبا نبيه ذرى المعالي ... بنفس للمعالي مستعده
ومن حمل اليراع وكان جلدًا ... على تبعاته أعطاه مجدة1
وفي هذه القصيدة يمدح السنوسي العلم والتاريخ في شخص العالم المؤرخ، لا على طريقة المداحين المقلدين للقدماء، ولكن في نهج جديد، وأسلوب طريف، فكتاب الأنصاري تحفة في التاريخ أسلوبًا وتحقيقًا وجودة، وعروس زفت إلى الدنيا على أبواب الأرض المقدسة الطاهرة، وفي حصن من حصونها، فأشرق جمالها على الحياة، وأعادت للبحر سيادته وقوته، ففاض غزيرًا على جوانبه، يصفق قلبه شوقًا إلى ثغر الحجاز في رقصات رشيقة ودلال مع الشواطئ، يرف نضارة، ويموج ثراء، ويعزف أوتار الجمال، فتهتز الأزهار والسوسن طربًا وشوقًا؛ لأن كتابه قد بلغ المعالي بهمته، ومنحه التاريخ مجدًا وخلودًا.
لا تجد وصفًا من أوصاف المدح التقليدي في هذه الأبيات التي اقتصرت عليها، وبقية القصيدة التي تسير على هذا النهج والأسلوب والطريقة الجديدة في المدح والثناء.
وكذلك مثل قصيدة "سوزان"، فهي كما يقول السنوسي باقة من شعور كريم ... مهداة للصديق الشاعر حسن عبد الله القرشي تحية لديوان "سوزان" ومطلعها:
"سوزان" هذا الاسم من ركبه ... يا ما أحيلاه وما أعذبه
من ذوب السكر في جرسه ... فذاب حتى كدت أشربه
__________
1 الأغاريد: 89/ 92.

الصفحة 112