كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

جميعًا وأشرفهم وأفضلهم عند الله -عز وجل، وعند الناس خلودًا وبقاءً وتشريعًا ونورًا ومعرفة واستقامة وبناءً وتقدمًا وحضارة.
وفؤادي تربة من يد العلم ... يدبره وقلب ودود
فانتشى قلبي المغرِّد وانثالت ... قوافيه واستفاض القصيد
ومن شعره الاجتماعي أيضًا قصيدته "أتمنَّى" ومطلعها1:
أتمني أنني لا أتمنى ... فلقد بت بآمالي معني
المنى يا للمني من زورق ... مارسًا يومًا ولا نحن وصلنا
يصور صديقًا يتمنى له موفور السعادة وراحة البال ورضى النفس؛ لأنه يطوي بين أحشائه قلبًا فاسدًا، وصدرًا يغتلي حقدًا، ونفسًا تفيض حسرة وألمًا، وفكرًا محمومًا بالبغض والكراهية.
ثم يتمنى لعدوه أن يبصره الله بالحق، وأن يدير يديه لا بالسلاح والنار، ولكن بالدليل والعقل والبرهان، وإلَّا كان فظًّا غليظ القلب، جهولًا لدودًا.
ثم يتمنَّى لرئيسه حكمة وللمرءوسين نشاطًا وأمانة، كل يؤدي واجبه، مهما كان الإنسان مظلومًا.
ثم يتمنى لوليده أن ينشأ نشاة صالحة مثله، ينزع في شبابه عن إجلال وحب ورياسة مترفعًا عن صغائر الأمور، عاشقًا للمعاني النبيلة والأخلاق السامية.
وفي المقطع الأخير يتمنى لمجتمعه أن يكون رائد الفكر قوي المشاعر، ميقوظ الوجدان، يرفض الزيف، ويعشق المجد، ويسمو إلى المعالي في فكر أصيل، ومنهج قويم، وضمير حي طاهر.. يتمنى كل ذلك لكن الأماني زورق تتلاعب به الأمواج وتعصف به الرياح، ويرتطم بالصخور والعقبات عبر الأزمان والأجيال يقول في المطلع الأخير:
أتمنى أن أرى مجتمعي ... لوذعي الفكر مصقول الشعور
يرفض الزيف نهاه ويرى ... وعيه اليقظان ما خلف القشور
يعشق المجد ويمشي للعلا ... مستقل الفكر شفاف الضمير
المنى يا للمنى من زورق ... لم يزل يجري بنا عبر العصور
أما قصيدته "لكل صابون ليفة" يصور فيها "النفاق والمنافق" في أبشع صورة، وأقبح.
__________
1 أزاهير: ص9 وما بعدها.

الصفحة 116