كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

إنني شلة تحكم في العلم ... والعلم حاكم لا يجيد
موقدًا ما تشاء منِّي إذا أحببت ... نورًا مطفئًا ما تريد
أنا من "طاقة" يولدها الماء ... ومن قوة حواها الحديد
جل من سخر السموات والأرض ... وما فوقها لمن يستفيد
إن "فلتًا" وإن "واتًا" و"أمبيرًا" ... عقول عظيمة وجهود
تلك أسماؤهم تشير إليهم ... في رموز لها جمال فريد
أي عصر هذا وأية دنيا ... شادها سيد البلاد سعود
المطارات والقطارات والأضواء ... والهاتفات والتعبيد
والرقي الحديث والعمل البناء ... والانطلاق والتشييد
قد قرأنا عن الحضارة والعمران ... والملك وما روته الجدود
واستمعنا إلى التاريخ والأسفار ... تبدي حديثها وتعيد
ورأينا حضارة ما رآها ... "قيصر" في جلاله و"الرشيد"
إي وربي لم يركب "التكسي" ... هارون ولا سار في القطار الوليد
سهر الليل بالقناديل كسرى ... وعلى الشمع كان يقرأ يزيد
أين تلك العصور من عصرنا العلمي ... نورًا لا يعتريه الخمود
ويصوغ الأقمار تجري مع ... الأفلاك سيارة مداها بعيد
خضعت للورى المسافات فيه ... وتهاوت حواجز وحدود
وتساوي بنعمة العلم ... الآلات والفن سيد ومسود
وجرت هذه الحياة كما تجري ... الينابيع كل يوم تزيد.
لو رآها لبيد ما سئم الدنيا ... ولا ضاق بالحياة "لبيد"1
وهكذا إلى آخر القصيد من مطلعها حتى نهايتها تصور حضارة العلم الحديث، وما قدمه للبشرية من وسائل التقدم والرقي التي لا تحتاج إلى جهد في أناقة ورقة وانتظام، فقد تعددت وسائل الحضارة في القصيدة التي تفجرت عن الكهرباء وهي التكسي والقطار، والهاتف والمطار والطيران، وتعبيد الطرق وتشييد العمارات والمؤسسات، والأقمار الصناعية العابرة للقارات والمحيطات، والطاقة والذرة، والآلات والمعدات الحديثة، وغيرها من وسائل التقدم العلمي والحضاري في تصوير أدبي رائع وخيال خصب موفور، وأفكار عميقة رحبة، وصور شعرية غزيرة بالأضواء والألوان والظلال والإيحاء والأشعة التي تخطف الأبصار ويغوص في أعماقها العقل -عقول عظيمة وجهود- في رموز لها جمال فريد، والرموز هي الفولت - الوات - الأمبير" أي عصر هذا وأية دنيا؟!
__________
1 القلائد: 197/ 203.

الصفحة 119