كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

يحتضن الزهر"، وهكذا تكون الخصائص الفنية التي تدل على الأصالة الأدبية في الألفاظ والأساليب والصور القديمة. وأقرب شعره إلى الأصالة العربية الذي تسير على منهج الفحول من الشعراء القدامي ديوانه الأول "القلائد" يقول في شذى الرياض"، منها:
هب نفح الصبا فقم حي نجدًا ... وتنشق شذى الرياض المندى
واعتصر من هواك لحنًا ذكيا ... ريقًا كالنسيم صفوا وبردا
وتمهل فهذه جلبة الشعر ... ومجرى الجياد قبسًا وجردا
سرح الخاط المشوق وجدد ... "امرأ القيس" والنوابغ عهدا
تلك آثارهم وهذي مغانيهم ... وروض الشباب ما زال يندى
كلما هبت الصبا هبت الروح ... طيوفًا وردّد الفكر أصدا
نفحات من الفراديس رفت ... أقحوانًا وأرجوانًا ورندا
عب منها الهواء عطرًا وذابت ... فوق صدر الفضاء مسكًا وندا
أرج شيق العبير وروح ... عطر الكون بالجمال وندى
يسكب النور والعطورويضفي ... من ظلال النخيل والروض بردا
حي لحن الصباح وأبسط ذرا ... عيك وضم النسيم شوقا ووجدا
وامتزج بالصبا الشغوف وقبل ... نفسا قبل الخمائل خدا
نسج الفجر في غلائله الطل ... وجاك السنا حريرا وسدى
واصطفاه "رسالة" من ريا ... نجد وأنفاسها سلامًا وودا
ترد "النيل" و"الفراتين" و"الأرز" ... و"غمدان" و"الخليج" و"بردى"
وترود الضفاف تهمس "للزيتو ... ن" نجوى و"للجزائر" وعدا1
وهكذا إلى نهاية القصيدة "وهي طويلة" تعود بنا إلى عصر أبي تمام والبحتري وابن المعتز والمتنبي وغيرهم من فحول الشعراء.
الوزن والقافية:
السنوسي يعشق أوزان الخليل وقوافيه، ويعد الخروج على عمود الشعر في الموسيقى تمردًا على الأصالة، وتمزقًا لطبيعة الشعر الأصيل المتميز على النثر الأدبي، والشعر المنثور، وإذا ما تجوز في موسيقاه، كما يتجوز شعراء عصره، نراه ينزل إلى مستوى الموشحات الأندلسية كالمخمسات، والمقطعات الشعرية، التي تختلف فيها القافية في كل مقطع مع الاحتفاظ بالبحر
__________
1 القلائد: 76/ 81.

الصفحة 134