كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

تجري عليك "الديزتو" ... تختال والفرد فرها
وكذلك قوله:
زاره ساكن "الألب" "أبوللو" ... رائدًا ينشد الجمال المثالي
موازنة ونقد:
السنوسي شاعر محافظ في تجديده، يتجاوب مع الواقع الذي يعيشه ويحياه، فالشعراء القدامي صوروا النغم والغناء في الشعر العربي القديم، وخاصة الشاعر المصور ابن الرومي، وتناوله كذلك شعراء في العصر الحديث مثل العقاد والمازني وإبراهيم ناجي وغيرهم1، وتأثر الجميع كثيرًا بابن الرومي في تصويره الغناء الساحر الجذاب في قوله يصور صوت "وحيد" المغنية:
ظبية تسكن القلوب وترعا ... ها وقمرية لها تغريد
تتغنى وكأنها لا تتغنى ... من سكون الأوصال وهي تميد
لا تراها هناك تجحظ عين ... لك فيها ولا يدر وريد
من هدوء ليس فيه انقطاع ... وسجو وما به تبليد
مدَّ في شأو صوتها نفس ... كاف كأنفاس عاشقيها مديد
فتراه يموت طورًا ويحيا ... مستلذ بسيطه والنشيد
فيه وشي وفيه حلى من النغم ... مصوغ يختال فيه القصيد
في هوى مثلها يخف حليم ... راجح حلمه ويغري رشيد
ما تعاطى القلوب إلا أصابت ... بهواها منهن حيث تريد
وتر العزف في يديها مضاء ... وتر الرجف فيه سهم سديد
عيبها أنها إذا غنت الأحرار ... ظلوا وهم لها عبيد2
فالصوت الشجي مع هدوئه متصل لا ينقطع، ومع سموه حي غير متبلد، مديد كأنفاس العاشقين، ساعد في مده طول النفس، وأرقه الدلال، ولطفه الوله، حتى كاد أن يختفي، فيموت طورًا ويحيا طورًا، ويتعانق النغم على مسرح الغناء فيتخذ قبة تحيط بالسامعين،
__________
1 عقدت موازنة نقدية في كتابي: البناء الفني للصورة الأدبية عند ابن الرومي. نشر عام 1976م
2 المرجع السابق ص221، 361.

الصفحة 150