كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

إلى قوله:
حيوا أقطابًا كبارًا وثبوا ... وثبة عظمى إلى أسمى مجال
دعموا الوحدة من أساسها ... وبنوا صرح العلا سامي المثال
في اجتماع وجف الغرب له ... واحتفى العرب به أي احتفال
أطلع الشرق بهم في أفقه ... فيض أضواء شموس وجلال
سادة من أعظم القادة في ... منهج الرأي وميدان القتال
ينضح الإخلاص من أعطافهم ... عبق المجد ولألاء الخصال
نذروا الأنفس للذود عن الوطن ... الأكبر أرواحًا ومال
وبناء الوحدة الكبرى على ... كرم الأهداف لا حلف الضلال
مستمدين على إخلاصهم ... ناصع التاريخ في أزكى الخلال
إنها التهيئة العظمى لمن ... يثبت الذات على أسنى مثال
وبناء لوجود صادق ... في صراع الكون إن جد النضال
وانتفاضات حياة حرة ... وارتعاشات بها التاريخ صال
هزت الأمة من أطرافها ... هزة البعث لأجيال طوال
إلى قوله:
شهدت مكة في ساحاتها ... موكب القادة يسمو في اختيال
تخفق الأعلام نشوة عزة ... وتميد الأرض فخرا والجبال
الشموس الغر من يعرب قد ... سطعت في مكة ذات الجلال
الأبيات كلها تدور حول الغرض منها وهو وحدة الأمة الإسلامية في كفاحها ضد أعدائها، فأقضوا مضاجع البغاة وارتجف الغرب، في تصوير أدبي يقوم على ألفاظ جزلة وكلمات فخمة، وأسلوب قوي، أحكم صنعته، وعاطفة صادقة مشبوبة، ومشاعر حية نابضة، لكن لا أدري كيف ينضح الإخلاص من الأعطاف؟
أما الموسيقى الشعرية في القصيدة فلا تتناسب مع الحماسة في الغرض، الذي يقوم على حفز همم القادة والأمة العربية ضد الغرب أعداء الإسلام والعربية، وهذه الحماسة تقتضي بحرًا كثير التفاعيل، وقد كان هذا على نحو ما، لكن الذي لم يكن الإيقاع المناسب للغرض، فالحماسة تقتضي إيقاعًا عنيفًا يعصف بالحمم، وموسيقى داخلية ثائرة تتفجر بركانًا ملتهبًا، والعنف والعاصفة، والثورة والبركان تتنافى مع كثرة حروف اللين والمدات في داخل الأبيات، التي تحدث رخاوة وهدوءًا وبطأً وامتدادًا، انظر إلى حروف اللين في البيت في أصواتها الرخية التي تحتاج إلى نفس طويل لا أنفاس حماسية متتابعة مما يجعل اللسان يتعثر في النطق بهما بما لا

الصفحة 167