كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

طالما رفت قلوب وهفت
مهج صوبك في جنح الظلام
حومت خفاقة تمنعها
هيبة الوجد ويدنيها الغرام
كان مصباحك قلبًا نابضًا
وشعاعًا في الدياجي يهتف
فإذا لألأ في أفق الدجى
دنت الأرواح منه تلهف
تتملاك لحاظ عربدت
تحتسي حسنك سكرى لا تفيق
غرقت في نشوة الحب وقد
طاف جام الحسن يطفو بالرحيق
فلك أنت لشمس أفلت
طالما شعت على تلك الخدور
حجب الموت سناها فهوت
وكذا تغرب في الأفق البدور
هكذا وردت القصيدة في الديوان مقطعة الأبيات إلى شطرات كل مقطعة بيتان منثورة في أربع شطرات، والمقطع متحد القافية ومختلف فيها مع بقية المقطعات الأخرى، وهذا أقصى ما يخرج فيه الشاعر على القالب الموسيقي العمودي، وخروجه في القافية لا في الوزن والبحر حيث التزمه في شعره كله، وتخيل أن الشاعر بهذا التفتيت للأبيات والتمزق فيها أن يضفي على المقطعات هيلمانًا أكبر؛ ليكون المقطع في أربعة أسطر لا في بيتين على سطرين، ولا أظنّ أن الشاعر يريد أن ينهج طريق شعراء التفعيلة في اكتناز المسافة في السطور والأطناب من غير داع في كثرتها؛ لأن الشاعر معتد بمدرسته المحافظة على شكل القصيدة ومنهجها الموسيقي.
والتصوير الأدبي في القصيدة بناء فني قوي يستمد قوته من العاطفة المشبوبة، والمشاعر العميقة المتدفقة، والألفاظ الرقيقة العذبة، والأسلوب السهل المنساب، والخيال القوي الخصب، والموسيقى الممتعة الجذابة. فالدار الدثورة لا زالت هيكل الحب ومحراب الهوى وحمى

الصفحة 172