كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

ويقول في أرجوزته أيضًا في "سنة تسع من الهجرة":
كان بها غزو تبوك في رجب ... وقصده الروم فإذا ذاك انتدب
معه ثلاثون من الآلاف ... مقاتلون كل ذي خلاف
وابن سلول عنه قد تخلفا ... في حزنه وبعض من قد تخلفا
عذرهم الحاجة إذ لم يجدوا ... نفقة وآخرون وجدوا1
ويقول أيضًا في أحوال الأسانيد والمتون:
والمتن ما إليه ينتهي السند ... من الكلام والحديث ما ورد
عن النبي وقد يقولون الخبر ... كما أتى عن غيره كذا الأثر
متابع وشاهد له انجلى ... ثم صحيح حسن قد قبلا
ومحكم معارض ومختلف ... وناسخ قابل منسوخًا عرف
والراجح المرجوح ثم المشكل ... معلق ومرسل ومعضل
منقطع مدلس قد احتمل ... موضوع ومتروك وموهوم معل2
يوضِّح الشيخ حافظ الحكمي في نظمه -لا شعره- هنا أصول الأسانيد، فمنها ما هو صحيح، وحسن، ومحكم، ومعارض، ومختلف، وناسخ، ومنسوخ، وراجح، ومرجوح، ومشكل، ومعلق، ومرسل، ومعضل، ومنقطع، ومدلس، وموضوع، ومتروك، وموهوم، إلى آخر ما جاء في علم مصطلح الحديث وعلم الجرح والتعديل من علوم الحديث الشريف.
هؤلاء هم أشهر شعراء مدرسة التقليد في جنوب المملكة العربية السعودية، ولم نذكر نماذج الشعر غيرهم ممن سار على نهجهم من هذه المدرسة اكتفاءً منَّا من أن ذكر البعض يدل على تحقيق المنهج كله في بقية الشعراء، ما داموا هم جميعًا من مدرسة واحدة وهي مدرسة التقليد.
وهنا سؤال يطرح نفسه وهو: لماذا جعلت مدرسة التقليد داخلة وتابعة لشعر المحافظين ومدرسيهم، كما هو واضح؛ حيث كانت مدرسة التقليد فصلًا، بل أوَّل فصل من فصول هذا الباب؟
والرد على هذا السؤال واضح أيضًا، وهو أنَّ مدرسة التقليد أقرب إلى مدرسة المحافظين من أيِّ مذهب آخر، فبعيد جدًّا أن يدخل في إطار مدرسة المجددين، ولا في إطار مدرسة المبدعين.
__________
1 المرجع السابق: ص41.
2 نظم اللؤلؤ المكنون في أصول الأسانيد والمتون: الشيخ حافظ الحكمي - مطابع البلاد - مكة المكرمة.

الصفحة 30