كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

ومثلها أيضًا هذه القصيدة التي سارت على منهج القدماء في المدح، فتصدرت بغرض آخر مع المدح، قصيدة "رياض الأنس" للشيخ إبراهيم الزمزمي، فقد استهلَّها الشاعر بمشهد من مشاهد الطبيعة الساحرة، ثم انتقل إلى مدح الإمام سعود الكبير وتهنئته حين دخل مكة فاتحًا سنة 1218هـ، قال في المطلع:
رياض الأنس مزهرة توالي ... بها قطف دنى ما إن تعالى
وماء المأذنيات اللواتي ... تحاكى البحر لم تبق انتحالا
وفي ملد الغصون سمعت لحنًا ... لطير السعد إذ ثنى المقالا
فأطربني غناه وليس بدعًا ... ولو نظمت في السمط الثقالا
وإني لا وقد أوفى علينا ... بشير للكآبة قد أزالا
بمقدم صدر أرباب المعالي ... حليف المجد من في الله والى
ومن في حلبة العلياء جلَّى ... وصلى فاسألن عنه الرجالا
"محمد" الذي حاز المعالي ... بوقت أهله عنها كسالى
ثم يتسلل من "محمد" صلى الله عليه وسلم، الذي أقام الهدى بمكة المكرمة إلى مجيء الإمام سعود إليها؛ ليعيد إليها المجد كما كانت من قبل، فيقول:
فلما جاء من نجد "سعود" ... تواروا لم يطيقوه نزالا
وأضحى الدين في طرب وعز ... يغيض قلوب من يهوى الضلالا1
وهكذا يسير في المدح إلى آخر القصيدة.
أما بقية القصائد في هذا الغرض فقد خلصت للمدح من المطلع حتى نهاية القصيدة، كما وضح ذلك من القصيدتين السالفتين.
التزم شعراء آل الحفظي في مدحهم المنهج القديم في شعر الفحول الذي يقوم على عمود الشعر العربي، وعلى تصوير الخصال المألوفة في المدح من الشيم المعروفة عند الشعراء القدامى كالشجاعة والنجدة والقوة، وشدة البأس والضرر المؤزر، والذود عن الشرف والكرامة والعرض، ثم تصوير أخلاق الإسلام، التي حفزت الرجال على النصر والدفاع عن أرضهم، والذود عن نسائهم وأولادهم، ورد كيد المعتدى.
ثم مدح أئمة البلاد، فهم أئمة حق، نصروا الدين وآزروه، وثبتوا دعائمه في ربوع البلاد بالحق والعدل والمساواة.
__________
1 نفحات من عسير: ص وما بعدها.

الصفحة 53