كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

على التصوير القريب بلا مبالغة أو غلوٍّ أو إفراط، والمقصود من الخيال وصوره في غير حقائق الإسلام أن يحقق في السامع التأثير والإقناع، والحقائق الإسلامية في ذاتها تحتوي في مضمونها على التأثير باعتبارها حقائق مذهلة لا يقدر عليها البشر، ويسلم بها الإنسان لقوتها في الحجة والإقناع، فلا يحتاج كثيرًا إلى الخيال الذي يعتمد على الاتجاه البعيد في الأضواء والظلال والإشعاع.
هذه الخصائص الفنية في الألفاظ والأساليب والحقيقة والخيال وصورهما والموسيقى والإيقاع هي من خصائص المذهب الأدبي لمدرسة المحافظين، الذين اتبعوا مذهب القصيدة القديمة وخصائصها، لكن من خلال شاعرية الشاعر، وبموهبته الأصيلة، من غير تقليد أعمى، يسوده الجمود والتحجر، ويتسم بالمحاكاة المجردة من الموهبة الشعرية، كالشأن عند المقلدين من شعراء التقليد لا المحافظين.
ويسير على هذا المنهج الشاعر الشيخ محمد أحمد الحفظي في هذا الغرض مثل قصيدته "تألق برق الحق"، ومطلعها:
تألق برق الحق في العارض النجدي ... فعم حياة الكون في الغور والنجد
وأورقات الأشجار وانتهضت بها ... يوانع أنواع من الثمر الرغد
دعانا إلى الإسلام دين إلهنا ... وتوحيده بالقول والفعل والقصد
هدانا به بعد الضلالة والعمى ... وأنقذنا بعد الغواية بالرشد
حبانا وأعطانا الذي فوق وهمنا ... وأمكننا من كل طاغ ومعتد
وأيدنا بالنصر واتسعت لنا ... ممالك من كل طاغ ومعتد
فنسأله إتمام نعمته بأن ... يثبتنا عند المصادر كالورد1
ثالثًا: في الرسائل والإخوانيات الشعرية
ويأتي هذا الغرض الأدبي عند شعراء الحفظي في المرتبة الثالثة، ويضم قصائد كثيرة، من أهمها ما ينسب إلى الشاعر الشيخ أحمد الحفظي الأول، وهي قصيدة "والورد أهدى ص35" كتبها إلى صديقه السيد أحمد إبراهيم الأخرس، وقصيدة "وميض البرق ص36"، كتبها إلى ابنه محمد وهو مقيم بالقنفذة، وأجابه عليها بقصيدة "الشمس أشرقت ص37"، ومن قصائد الشاعر الشيخ محمد أحمد الحفظي كذلك "لك الحمد مولى الحمد ص56"، كتبها إلى أمام اليمن "المنصور علي" يدعوه لمناصرة أئمة الحق في نجد، وقصيدة "أغراض الدعوة ص58"، كتبها إلى المخلاف السليماني بأبي عريش في منطقة جيزان إلى الشريف علي بن حيدر، وقاضيه.
__________
1 نفحات من عسير: ص51، 52.

الصفحة 56