كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

لو يأخذ الله العباد بظلمهم ... لم يبق في الدنيا سوى أحبالها
لكن رحمته لكل وسعت ... يا رب فاجعلها على منوالها
لا تجعل "الحفظي" محرومًا بها ... من ذا سواك مفتح أقفالها
طلب التلطف والترحم سيدي ... منكم وأما الغير لا أرض لها
كل عبيدك بالسواء وإنما ... تعطي لمن ترضى أليم وبالها
لا ينفع العبد الضعيف لمثله ... إلا بأمرك فالرضا أولى بها
وأنا الصبور وليس حالي نازلا ... لتطلب الرحمات من عذالها
أقسمت ألا أصغي لقول معنف ... أو أشتكي إلا إلى فعالها
ما لي وللأعداء أشابت مفرقي ... أقوالهم والموت في أقوالها
لا تغترر بتبسم من ضاحك ... فالليث يكثر وهو من أهوالها
والسيف يلمع ضاحكًا من صقله ... وبضربه ينهل عظم نصالها
فعدونا الشيطان أضحى ضاحكًا ... والنفس لاعبة على أغفالها
ما لي وللدنيا أشانت كلما ... لناه نحمده على أحوالها
هل كنت تبع حمير في وقتها ... أو كنت سيف حرف ذي أطوالها
أو كنت قد جمعت أجناد الورى ... أو قد فعلت فواقرًا يد نالها
قطع الرقاب وأسر كل مبعد ... بل كنت مفتقرًا إلى أفعالها
"رب العباد" أسير ذنب خائف ... يوم الأراضي زلزلت زلزالها
ذاك المقام مقام صدق ظاهر ... إذ أخرجت أراضينا أثقالها
والأرض خاشعة لشدة هولها ... لما لها الإنسان نادى ما لها؟
فيها تحدث للورى أخبارها ... أن الإله لأرضه أوحى لها
الناس أشتاتًا تراهم كلهم ... لترى الجزا في ذاك من أعمالها
من يعمل الخير القليل كذرة ... يومًا يراه وشره أحوالها
يا نجل "طامي" أنني أودعتكم ... أسنى السلام لسائل بسؤالها
والله أسأله السلامة من لظى ... يوم القضا والنفس في أهوالها
على "عسير" جميعهم من مغرم ... أو في التحايا من ذرا أجبالها
ما دام ذكر الله أو ما تليت ... خطرت ومنت في لذيذ وصالها1
هذه هي القصيدة كلها بدأها الشاعر على عادة الشعراء القدامى، فاستهل المطلع بالغزل العفيف، وثنَّى بالغرض المقصود، وهو الحنين إلى أهله ووطنه وماضيه، وأروع ما في القصيدة
__________
1 نفحات من عسير: ص172، 183.

الصفحة 60