كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

الأغراض الأدبية في شعر السنوسي وخصائصها الفنية:
يتميز شعر السنوسي بأنه كثير الأغراض الشعرية العميقة، ومتعدد الاتجاهات في الأهداف الدقيقة، ومتشعب الموضوعات الأصيلة والجديدة المعاصرة، التي عاش الشاعر تجربتها الشعورية من واقعه المعاصر، واقعه الإسلامي والعربي والإنساني والوجداني، وكان شاعر الجنوب بحق لغزارة شعره وتنوع الأغراض التي تبني مجتمعًا إنسانيًّا فاضلًا، وتحت على التئام الأمة الإسلامية ووحدتها في جبهة واحدة لتواجه بقوة عصر التحديات الجماعية لا الفردية، وعصر الماديات المشتركة في السوق الأوروبية المشتركة، وعصر الدول العظيمة في تعاون الدولتين العظيمتين أمريكا وروسيا ضد غيرها من الدول في الشرق وفي الغرب، إنه شعر الأمة العربية الإسلامية التي يحيي فيها أمجادها وآمالها، ويذود عنها ويدافع في سبيلها، سواء أكان الشعر في العالم الإسلامي والعربي الكبير أو في قضاياه الإسلامية والعربية والمعاصرة، أو كان في وطنه السعودي الصغير، أو كان من خلال وجدان العربي المسلم الثائر وجدان الشاعر السنوسي، أو كان في غير ذلك من موضوعات وأغراض من وحي العالم العربي والإسلامي والإنساني الكبير. وهذه هي أغراضه الشعرية حسب أهميتها وغزارتها وعمقها، في دواوينه الخمسة التي ذاعت في العالم العربي الإسلامي بل والأوروبي على السواء.
أولًا: الشعر الإسلامي
هذا الغرض الأدبي يسيطر على شعر السنوسي في دواوينه الخمسة، تفجر من واقعه الذي يعيشه إيمانًا بعقيدته، وتمجيدًا لمقدسات الإسلام وشعائره، واعتزازًا وفخرًا بحضارته وإنسانيته، وسموًّا بمبادئه وتعاليمه، وكشفًا عن المثل العليا للبشرية إيمانًا وقدوة، وتصويرًا لقادة الإسلام، ودفاعًا عن تشريعاته وحرماته، وثناء على حماة الاسلام ودعاته، وحرصًا على العمل به، والجهاد في سبيله، وحفزًا للهمم القوية والعزائم الشديدة.
والشعر الإسلامي عند السنوسي عميق في جوانبه الكثيرة، وخصب في معانيه واتجاهاته، وواسع الأفق تزهر تحت سمائه الإسلامية قضايا العالم الإسلامي والعربي، والحق الإنساني بصفة عامة، لذلك تدفق شعره الاسلامي في اتجاهين كبيرين هما:

الصفحة 81