كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

تجاوبت مع كل الأجناس من بني الإنسان، فشريعة الإسلام هي التي كرمت الإنسان لأنه "إنسان"، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ} ، {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم} .
ومن تكريم الإسلام للإنسان أنه جعل من طبيعة تكوينه الأنس والوئام والمحبة والسلام، قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ، وما يتجافى مع طبيعة الأنس فيه مرفوض مذموم، وهو العداوة والبغضاء، والحقد والجفاء، والظلم والاعتداء، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} .
وكذلك قصيدة "أخي المسلم" يقول في مطلعها1:
أخي المسلم الداعي إلى الرشد والهدى ... حري بداعي الرشد إن يك أرشدا
لقد طال مسعاك الحميد فلا تكن ... عنيفًا فإن العنف يغري التمردا
وكن هادئًا في قوله وفعاله ... رفيقًا فإن الرفق ما زال أحمدا
وصية طه المصطفى وهو قدوة ... لكل دعاة الرشد شيخا وأمردا
فخذ بيد الغاوي ومهد سبيله ... إلى الرشد يمشي مستقيما مسددا
الاتجاه الثاني:
ويتناول فيه السنوسي الجهاد في سبيل الإسلام والدفاع عن مقدساته وتشريعاته، والذود عن المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي، ودفع الظلم عن الإنسان في كل مكان، ويتناول أيضًا قضية الحرية، وتحرير أراضي المسلمين والأرضي المقدسة، وحث المسلمين على الجهاد في سبيلها، والوقوف صفًّا واحدًا أمام الطغاة المستعمرين المستبدين، ثم قضية المؤاخاة بين أفراد الأمة الإسلامية، والتعاون بين شعوب الأرض، والتضامن في سبيل نصرة الإسلام ورد حقوق الإنسان.
والشعر الإسلامي في هذه الاتجاه ليس أقل من الاتجاه الأول بل كثير وكثير، فأما الديوان الأول "القلائد" فقد اشتمل على قصيدة "حطم المارد القيود" بمناسبة "جلاء" الإنجليز عن جزء من أجزاء الأمة الإسلامية العربية، عن مصر عام 1954م، وقد فازت بالجائزة الأولى التي أقامتها مجلة "الرياض" في جمادى الآخرة سنة 1374هـ، ومطلعها 2:
__________
1 نفحات الجنوب: ص97/ 100.
2 القلائد: ص20/ 23.

الصفحة 87