كتاب المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية

هيجت قلبًا لج في كبره ... جفا الهوى والنفس تشتاقه
صد وملء الكف من بدره ... ما يستشير القلب إشراقه
مالي وقد مالت على صدره ... أغصانه خضرًا وأوراقه
إذا هفا يومًا إلى زهره ... أبت معانيه وأخلاقه1
وهكذا يتأمل الشاعر في أعماق نفسه عن وجدان يلتهب في ذكريات الماضي، فيعيد صورها ويستعرض "أفلامها" على حد تعبيره، من غير ابتذال في وصف حسي للمحبوب، ولا تفاني في سبيله حتى التبتل والرهبة، لا هذا ولا ذاك، وإنما هي هبوب عاصفة الذكريات الماضية لتؤجج نار الوجدان بمقدار عبورها، ليعود كما كان، بل أكثر ثباتًا واتزانًا؛ لأن قلبه الذي يضم وجدانه لج في كبره، وعاف الهوى، ولا تستثيره جمراته؛ لأن المعاني السامية والأخلاق الفاضلة هي التي تضبط الوجدان، وتسمو بالقلب والعاطفة في اتزان خلق المسلم كما ينبغي أن يكون، أليس هذا اللون جديدًا في الغزل يسمو به ويرتقي إلى غرض جديد هو شعر الوجدان والتأمل. وكذلك قصيدة "فارس الأحلام ص102، 108" من قصص المجد، وقصيدة "دار جلجل ص109-114"، صور من الأدب العربي القديم يصورها السنوسي من خلال وجدانه، وقصيدة "قصة شعرية" يترجمها الشاعر من خلال وجدانه عن الكاتب العالمي "مكسيم جوركي"؛ ليضعها في إطار الشعر العربي، بعد أن صبغها بفنه الشعري ووجدانه الذاتي، لتقرب من الذوق العربي الشفاف وأطلق عليها "أنشودة الصقر ص130-140" يقول في آخر مقطوعة منها:
واستمرت أنشودة الصقر تنساب ... بألحانها على الأكوان
يطرب النفس وقعها وتثير الفكر ... أصداؤها وتحيي الأماني
في تلاحينها من السحر ألوان ... ومن فتنة الجمال معان
نغم ساحر الصدى ونشيد من ... صميم الشعور والوجدان2
أما "الأغاريد" فنجد قصيدة "إغراء الحب ص31-32"، وقصيدة "باقة إلى عابرة ص36-37"، وقصيدة "ماء ونار ص38، 40"، وقصيدة "أنشودة ص41-43"، وقصيدة "إفاقة ص47-50"، وقصيدة "عصفور قلبي ص54-57"، وقصيدة "حيرة ص77-78".
__________
1 القلائد: 34/ 41.
2 القلائد: 130/ 140.

الصفحة 95