كتاب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

رأسه1"2.
وقال أيضًا: "وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل، كما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك: فقال: "نور أنى أراه"" 3.
وكذا جزم ابن كثير بأنه لم يصح أن أحدًا من الصحابة قال بالرؤية البصرية حيث قال: "وما روي في ذلك من إثبات الرؤية بالبصر فلا يصح من ذلك لا مرفوعًا، بل ولا موقوفًا، والله أعلم"4.
وقال أيضًا: "وفي رواية عنه - يعني ابن عباس - أطلق الرؤية، وهي محمولة على المقيدة بالفؤاد، ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب، فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة رضي الله عنهم"5.
ويجب الإشارة هنا إلى أنه يجب التفريق بين قضيتين، قضية الرؤية والكلام عليها، وقضية الآيات التي استدل بها ابن عباس على إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم
__________
1 يشار هنا إلى أن القاضي أبا يعلى أورد في إبطال التأويلات 1/113 أن أبا حفص بن شاهين روى في سننه بإسناده عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: "رآى محمد صلى الله عليه وسلم -ربه عز وجل- بعينيه مرتين" وكذلك البغوي نسب إلى ابن عباس أنه قال: "رأى ربه بعينه" انظر معالم التنزيل 7/405.
لكن هذا اللفظ "بعينه" لم يرد في الروايات الثابتة عن ابن عباس وكتاب السنن لأبي حفص ابن شاهين غير موجود بين أيدينا حتى نحكم على الإسناد وقد أشار محقق الكتاب اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة لابن شاهين أنه لا يستبعد أن يكون كتاب السنن هو الكتاب اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن وأن القاضي أبا يعلى ذكره باسم السنن اختصارا انطر الكتاب اللطيف هـ 1 ص 35.
والبغوي لم يذكر أيضا سندا لما ذكره عن ابن عباس فلا يمكن الحكم على قوله هذا.
كما جاء عند الطبراني في الأوسط (6/50 رقم 5761) عن ابن عباس أنه كان يقول: "إن محمدا رأى ربه مرتين مرة ببصره ومرة بفؤاده" لكن إسناده ضعيف وسيأتي تخريجه
كما روى الطبراني في الأوسط (9/152-153، رقم 9396) عن عكرمة عن ابن عباس قال: "نظر محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه تبارك وتعالى" قال عكرمة فقلت لابن عباس: نظر محمد إلىربه؟ قال: "نعم، جعل الكلام لموسى والخلة لإبراهيم والنظر لمحمد صلى الله عليه وسلم"
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ميمون القناد إلا موسى بن سعيد تفرد به حفص ابن عمر العدني".
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/79) : "وفيه حفص بن عمر العدني روى ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي عبد الله الطهراني وقد ضعفه النسائي وغيره".
وقال الحافظ في التقريب ص (259) : "ضعيف". وفيه أيضاً يزيد بن عمرو بن البراء الغنوي ذكره ابن حبان في الثقات (9/277) ولم يوثقه غيره.
وموسى بن سعيد البصري ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/145) وسكت عنه ولفظة (نظر) لم تثبت في الطرق الأخرى التي جاءت عن عكرمة عن ابن عباس كما سبق تخريجه.
2 اجتماع الجيوش الإسلامية ص (48)
3 مجموع الفتاوى 6/509-510.وانظر درء تعارض العقل والنقل 8/41-42.
4 الفصول في سيرة الرسول ص (268) .
5 تفسير ابن كثير 7 / 448.

الصفحة 17