كتاب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

رآه بعينه، وهو قول أنس والحسن وعكرمة، فيه نظر والله أعلم"1.
وقال رحمه الله في البداية والنهاية:
"واختلفوا في الرؤية فقال بعضهم: رآه بفؤاده مرتين، قاله ابن عباس
وطائفة، وأطلق ابن عباس وغيره الرؤية وهو محمول على التقييد. وممن أطلق الرؤية أبو هريرة وأحمد بن حنبل - رضي الله عنهما -. وصرح بعضهم بالرؤية بالعينين، واختاره ابن جرير وبالغ فيه، وتبعه على ذلك آخرون من المتأخرين. وممن نص على الرؤية بعيني رأسه الشيخ أبو الحسن الأشعري فيما نقله السهيلي عنه، واختاره الشيخ أبو زكريا النووي في فتاويه. وقالت طائفة: لم يقع ذلك لحديث أبي ذر ... وقالوا: لم يمكن رؤية الباقي بالعين الفانية ... والخلاف في هذه المسألة مشهور بين السلف والخلف والله أعلم"2.
وقال - رحمه الله - في الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: "ورأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه - عز وجل - ببصره على قول بعضهم، وهو اختيار الإمام أبي بكر بن خزيمة من أهل الحديث، وتبعه على ذلك جماعة من المتأخرين. وروى مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه رآه بفؤاده مرتين، وأنكرت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - رؤية البصر، وروى مسلم عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله رأيت ربك فقال: "نور أنى أراه" وإلى هذا مال جماعة من الأئمة قديما وحديثا اعتمادًا على هذا الحديث، واتباعًا لقول عائشة -رضي الله عنها - قالوا: هذا مشهور عنها، ولم يعرف لها مخالف من الصحابة إلا ما روي عن ابن عباس أنه رآه بفؤاده، ونحن
__________
1 تفسير ابن كثير 7/423.
2 البداية والنهاية 3/112.

الصفحة 36