كتاب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه

ويقول: إن الحق يتصف بجميع صفات العبد المحدثات، وإن المحدث يتصف بجميع صفات الرب، وإنهما شيء واحد؛ إذ لا فرق في الحقيقة بين الوجود والثبوت فهو الموصوف عندهم بجميع صفات النقص والذم والكفر والفواحش والكذب والجهل، كما هو الموصوف عندهم بصفات المجد والكمال فهو العالم والجاهل، والبصير والأعمى، والمؤمن والكافر، والناكح والمنكوح، والصحيح والمريض، والداعي والمجيب، والمتكلم والمستمع، وهو عندهم هوية العالم ليس له حقيقة مباينة للعالم، وقد يقولون: لا هو العالم ولا غيره، وقد يقولون: هو العالم – أيضا - وهو غيره، وأمثال هذه المقالات التي يجمع فيها في المعنى بين النقيضين مع سلب النقيضي"1.
وهؤلاء الاتحادية يجمعون بين النفي العام، والإثبات العام، فعندهم أن ذاته لا يمكن أن ترى بحال وليس له اسم ولا صفة ولا نعت، إذ هو الوجود المطلق الذي لا يتعين، وهو من هذه الجهة لا يرى ولا اسم له.
ويقولون: إنه يظهر في الصور كلها، وهذا عندهم هو الوجود الاسمي لا الذاتي، ومن هذه الجهة فهو يرى في كل شيء، ويتجلى في كل موجود، لكنه لا يمكن أن ترى نفسه، بل تارة يقولون كما يقول ابن عربي: ترى الأشياء فيه، وتارة يقولون: يرى هو في الأشياء، وهو تجليه في الصور، وتارة يقولون كما يقول ابن سبعين:
عين ما ترى ذات لا ترى ... وذات لا ترى عين ما ترى
وهم مضطربون؛ لأن ما جعلوه هو الذات عدم محض، إذ المطلق لا وجود
__________
1 بغية المرتاد (ص 408) .

الصفحة 86