كتاب أصول الإيمان لمحمد بن عبد الوهاب - ت الجوابرة

141 - وعن بريدة - رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم يقول:
«إِن من البيان سِحرًا، وإِن من العلمِ جهلًا، وإن من الشعرِ حِكمًا، وإن من القول عِيالًا» .
ـــــــــــــــــــــــــ
141 - رواه أبو داود كتاب الأدب (4 / 303) (رقم: 5012) حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا سعيد بن محمد حدثنا أبو تميلة حدثني أبو جعفر النحوي عبد اللَّه بن ثابت حدثني صخر بن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه عن جده.
قال أبو داود عقب الحديث: فقال صعصعة بن صوحان: صدق نبي اللَّه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم أما قوله: «إن من البيان سحرا» : فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب الحق، وأما قوله: «إن من العلم جهلا» : فيتكلف العالم إِلى علمه ما لا يعلم فيجهله ذلك، وأما قوله: «إن من الشعر حكما» : فهي هذه المواعظ والأمثال التي يتعظ بها الناس.
وأما قوله: «وإن من القول عيالا» : فعرضك كلامك وحديثك على من ليس من شأنه ولا يريده.
وإسناده ضعيف فيه عبد اللَّه بن ثابت مجهول، وصخر مقبول.
وللفقرة الأولى من الحديث شاهد من حديث عبد اللَّه بن عمر رواه البخاري (10 / 237) (رقم: 5767) .
أما فقرة: «وإن من الشعر حكما» ، فهي صحيحة رواها الترمذي (رقم: 3756) ، وابن ماجه (رقم: 3756) ، وأبو داود (رقم: 5011) ، وأحمد (1 / 269، 272) من حديث ابن عباس.
انظر "صحيح ابن حبان " (13 / 94) (رقم: 778) .
قال الحافظ في "الفتح" (10 / 237) :
قال الخطابي: البيان اثنان:
أحدهما: ما تقع به الإبانة عن المراد بأي وجه كان.
والآخر: ما دخلته الصنعة؛ بحيث يروق للسامعين ويستميل قلوبهم، وهو الذي يشبه بالسحر إذا خلب القلب وغلب على النفس حتى يحول الشيء عن حقيقته ويصرفه عن جهته فيلوح للناظر في معرض غيره، وهذا إذا صرف إلى الحق يمدح، وإذا صرف إِلى الباطل يذم.
قال: فعلى هذا فالذي يشبه بالسحر منه هو المذموم، وتعقب بأنه لا مانع من تسمية الآخر سحرا لأن السحر يطلق على الاستمالة وقد حمل بعضهم الحديث على المدح والحث على تحسين الكلام وتحبير الألفاظ، وحمله بعضهم على الذم لمن تصنع في الكلام وتكلف لتحسينه وصرف الشيء عن ظاهره.
أما قوله: "وإِن من القول عيالا": قال ابن الأثير في "النهاية" (3 / 331) : هو عرضك حديثك على من لا يريده وليس من شأنه، يقال: عِلت الضالة أعيل عيلا، إذا لم تدر أي جهة تبغيها، كأنه لم يهتد لمن يطلب كلامه فعرضه على من لا يريده.

الصفحة 170