كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 55)

استخلاف المساح والأدلاء ومن يقلد التعديل من أصحاب ابن المدبر فدعا هؤلاء القوم إلى اليمين فتلكأ بعضهم وقصد المتظلمون الأسباب التي كانوا وقعوا عليها وما وقعت فيه المسامحة وما وقعت عليه المصانعة وغير ذلك فسأل أبو محمد الحسن بن مخلد أحمد بن محمد بن المدبر عما تظلموا منه ونسبوه إليه فقال قد علمت في أمر التعديل بما بلغه مجهودي وما قصرت فيما أمكنني من اختبار العمال والمساح وغيرهم وأزحت علتهم في الأرزاق فقال له الحسن بن مخلد قد صدقت ولكن الفساد قد وقع وظهر في العقود ووقعت السلوك في جميعها فقال له ابن المدبر إذا كانت السلوك قد وقعت عندك والفساد قد ظهر فأعد المساحة فقال له الحسن بن مخلد فإذا أعدنا المساحة وجب عليك يا أبا الحسن رد ما ارتزقته وأصحابك وأنفقته فقال له ابن المدبر لم أظن أنك بلغت من الصناعة والتقدم في الأحكام فيها إلى ما قد بلغت فقال له الحسن بن مخلد دع عنك هذا القول الفارغ فليس هو بما نحن فيه من شئ فقد علم كل من في هذا المجلس أن هذا القول منك استراحة إلى دفع ما تظلم القوم منه والواجب أن تعاد المساحة بأقوام ثقات تلزمك أرزاقهم إلى أن يصح عقد مال البلد وينقطع التظلم ولا يلحق أمير المؤمنين إثم فيما يجتنى له مما قد أحله الله له فإن الأمر متى ما ترك على هذا لا يزال أهل البلد يتظلمون على الأيام ويتقاعدون بآداء ما عليهم ويلزمهم من الخراج الصحيح قال أبو عبد الله بن حوي فرأيت والله أبا الحسن ابن المدبر وأبا الفضل نجاح بن سلمة وقد انقطعا في يده فبرزت من جملة الناس وقلت عندي قول يرضى به ويمشي أمورهم ويتم العقد فقالوا هات ما عندك فقلت أقرب ما يمشي به هذا الأمر تناظر القوم على ما يتظلمون منه ويحصى مبلغه ويستماح أمير المؤمنين لهم ببعضه ويوضع ذلك من مال العقد فرضيت الجماعة بذلك وأنهى ما قلته إلى أمير المؤمنين فاستصوبه (1) ووقع عنده أحسن موقع وسر (2) عبيد الله بن يحيى بما جرى على ابن المدبر في نقصه له والنجاح ووقع ذلك عند ابن المدبر أعظم موقع وانقطع عنه التظلم قال علي بن الفتح ولما قدمت العراق حدثني بعض مشايخ الكتاب بخبر هذا المجلس عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن حفص وذكر أنه كان حاضرا له قال ابن
_________
(1) رسمها مضطرب بالاصل والمثبت عن " ز "
(2) في " ز ": وسدر

الصفحة 21