كتاب المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران

بِمَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل وَاتِّبَاع السّنة نجاة وَهِي الَّتِي نقلهَا أهل الْعلم كَابِرًا عَن كَابر واحذروا رَأْي جهم فَإِنَّهُ صَاحب رَأْي وَكَلَام وخصومات وَأما الْجَهْمِية فقد أجمع من أدركنا من أهل الْعلم أَنهم قَالُوا إِن الْجَهْمِية افْتَرَقت ثَلَاث فرق فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم الْقُرْآن كَلَام الله وَهُوَ مَخْلُوق وَقَالَت طَائِفَة الْقُرْآن كَلَام الله وسكتت وَهِي الواقفة الملعونة
وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم ألفاظنا بِالْقُرْآنِ مخلوقة فَهَؤُلَاءِ كلهم جهمية كفار يستتابون فَإِن تَابُوا وَإِلَّا قتلوا
وَأجْمع من أدركنا من أهل الْعلم على أَن من هَذِه مقَالَته إِن لم يتب لم يناكح وَلَا يجوز قَضَاؤُهُ وَلَا تُؤْكَل ذَبِيحَته وَالْإِيمَان قَول وَعمل يزِيد وَينْقص زِيَادَته إِذا أَحْسَنت ونقصانه إِذا أساءت وَيخرج الرجل من الْإِيمَان إِلَى الْإِسْلَام فَإِن تَابَ رَجَعَ إِلَى الْإِيمَان وَلَا يُخرجهُ من الْإِسْلَام إِلَّا الشّرك بِاللَّه الْعَظِيم أَو برد فَرِيضَة من فَرَائض الله جاحدا لَهَا فَإِن تَركهَا كسلا أَو تهاونا بهَا كَانَ فِي مَشِيئَة الله إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ عَفا عَنهُ
وَأما الْمُعْتَزلَة فقد أجمع من أدركنا من أهل الْعلم أَنهم يكفرون بالذنب وَمن كَانَ مِنْهُم كَذَلِك فقد زعم أَن آدم كَانَ كَافِرًا وَأَن إخْوَة يُوسُف حِين كذبُوا أباهم عَلَيْهِ السَّلَام كَانُوا كفَّارًا وأجمعت الْمُعْتَزلَة على أَن من سرق حَبَّة فَهُوَ كَافِر وَفِي لفظ فِي النَّار تبين مِنْهُ امْرَأَته ويستأنف الْحَج إِن كَانَ حج فَهَؤُلَاءِ الَّذين يَقُولُونَ بِهَذِهِ الْمقَالة كفَّارًا وحكمهم أَلا يكلموا وَلَا يناكحوا وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم وَلَا تقبل شَهَادَتهم حَتَّى يتوبوا

الصفحة 54