كتاب تقريب التدمرية
الخوارج والروافض.
وعامة ما كانت القدرية إذ ذاك يتكلمون فيه: أعمال العباد، كما يتكلم فيها المرجئة، فصار كلامهم في الطاعة والمعصية، والمؤمن والفاسق، ونحو ذلك من مسائل الأسماء والأحكام والوعد والوعيد.
ولم يتكلموا بعد في ربهم، ولا في صفاته إلا في أواخر عصر صغار التابعين، من حين أواخر الدولة الأموية حين شرع القرن الثالث - تابعو التابعين - ينقرض أكثرهم؛ فإن الاعتبار بالقرون الثلاثة بجمهور أهل القرن - وهم وسطه -.
وجمهور الصحابة انقرضوا بانقراض خلافة الخلفاء الأربعة، حتى إنه لم يكن بقي من أهل بدر إلا نفر قليل.
وجمهور التابعين بإحسان انقرضوا في أواخر عصر أصاغر الصحابة في إمارة ابن الزبير وعبد الملك.
وجمهور تابعي التابعين في أواخر الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية.
وصار في ولاة الأمور كثير من الأعاجم، وخرج كثير من الأمور عن ولاية العرب، وعربت بعض الكتب العجمية من كتب الفرس، والهند، والروم، وظهر ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم يفشوا الكذب حتى يشهد الرجل ولا يستشهد، ويحلف ولا يستحلف".
حدث ثلاثة أشياء: الرأي، والكلام، والتصوف، وحدث التجهم - وهو نفي الصفات - وبإزائه التمثيل".
إلى أن قال: فإن معرفة أصول الأشياء ومبادئها ومعرفة الدين وأصله، وأصل ما تولد فيه" من أعظم العلوم نفعاً، إذ المرء ما لم يحط علماً بحقائق
الصفحة 8
144