كتاب المقترب في بيان المضطرب

عنهم، ولعلمهم بصحة الإسناد الثابت من السقيم، والراوي العدل من المجروح والمتصل من المرسل.
وطائفة اشتغلت بحفظ اختلاف أقاويل الفقهاء في الحرام والحلال، واقتصروا على ما ذكرت أئمة الأمصار من المتون عن رسول الله?، وعن الصحابة في كتبهم وقصروا عمّا سبقت إليه أهل المعرفة بالروايات وثابت الإسناد وأحوال أهل النقل من الجرح والتعديل فهم غير مستغنين عن أهل المعرفة بالآثار عند ذكر خبرٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين لهم بإحسانٍ - فيه حكم؛ ليعرفوا صحة ذلك من سقمه وصوابه من خطئه.
وطائفة ثالثة أكثرت الجمع والكتابة غير متفقهين في متن ولا عارفين بعلة إسناد فإنهم في الجمع والاستكثار والتدوين فهم داخلون إن شاء الله في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امرءاً سمع مقالتي حتى يُبلغَها مَنْ هو أفقه منه" 1.
وكلٌ والحمد لله على خير كثير، فسبحان من جعل الاختلاف من العلماء تسهيلاً على خلقه، ورحمةً لعباده، والحمدلله ربِّ العالمين] 2.
[ومن أهم العلوم تحقيق معرفة الأحاديث النبويات صلى الله عليه وسلم وأعني معرفة متونها صحيحها وحسنها وضعيفها، متصلها ومرسلها ومنقطعها ومعضلها ومقلوبها ومشهورها وغريبها وشاذها ومنكرها ومعللها ومدرجها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومبينها ومجملها ومختلفها وغير ذلك من أنواعه
__________
1 حديث متواتر: انظر نظم المتناثر من الحديث المتواتر لأبي الفيض الكتاني (42 رقم 3) . والحديث أفرده عبد المحسن العبّاد - بدراسة خاصة في جزء بعنوان: دراسة حديث "نضّر الله امرءاً سمع مقالتي" رواية ودراية.
2 مابين المعقوفتين من "رسالة في بيان فضل الأخبار وشرح مذاهب أهل الآثار وحقيقة السنن وتصحيح الروايات" لأبي عبد الله محمّد بن إسحاق بن مندة (28 ـ 31) .

الصفحة 11