كتاب رحمة للعالمين

مقدمة
يذكر أنه قبل المسيح بألفي عام تقريبا وصلت مملكة بابل إلى أوج قوتها، وكانت أمور المملكة المالية قد استحكمت، وقوتها العسكرية قد اكتملت، فملأت وفرة المال مع توفر الأمن عقل الملك بالنخوة والغرور حتى أنه أمر بصناعة تمثال له داخل معبد المملكة الأعظم، وأمر الخلق أن يسجدوا له وأن يطلبوا منه قضاء حاجاتهم.
فبعث رب العالمين إبراهيم عليه السلام لهدايتهم، وتصل سلسلة نسبه عليه السلام إلى نوح بتسع حلقات، لم يعجب الملك بدعوة التوحيد لأن قبولها يعني نزوله من درجة الألوهية ليصير عبدا، ولهذا غضب من إبراهيم عليه السلام، وكان بيته على صلة بالملك، فهاجر سيدنا إبراهيم بعد أن رأى معارضة القوم له وهاجرت معه سارة زوجه ولوط بن فاران ابن أخيه.
قام إبراهيم عليه السلام بتربية الغنم ليكسب من ذلك قوت يومه، فبارك الله له فيها فتكاثرت وزاد عددها.
وحين تحولت المراعي التي ترعى فيها قطعان غنمه إلى صحراء جرداء لتوقف الأمطار، تحول عنها سيدنا إبراهيم ومضى إلى أن وصل مصر. وكان عليها آنذاك حاكم يدعى "رقيون" (¬1) وكان أصلا من أهل بابل، (ومن الممكن أن يكون هذا ما دعا سيدنا إبراهيم للتفكير في الذهاب إلى مصر).
وأراد ملك مصر أن يستأثر السيدة سارة لنفسه بعد أن عرف أنها من نساء وطنه، ولكن الله اطلعه فورا على أنها زوجهة نبي الله المختار، وقام الملك بتكريم إبراهيم عليه
¬_________
(¬1) خطبات أحمدية [ص:109]. كتب د. حسن إبراهيم حسن - في كتابه عمرو بن العاص ط. مطبعة السعادة بمصر مجلد 2 [ص:182]- أن أسم ذلك الملك كان طوطيس بن ماليا، وكتب أن عاصمة ملكه كانت منف، ويفهم مما ذكره في [ص:183] أن طوطيس لقب للملك ومن هنا يكون الاسم الأصلي هو رقيون وطوطيس هو لقبه - وكتب المؤرخ سابق الذكر أن هذا الملك قد حفر ترعة تصل النيل بالبحر الأحمر لإيصال محاصيل مصر إلى السيدة هاجرة وقد جدد كل من قيصر ونيخوس ودارا حفر هذه الترعة، وكانت هذه الترعة هي نفسها التي اكتشفها عمر الفاروق من جديد.

الصفحة 18