كتاب الحجة في القراءات السبع

أنه أراد: جمع الجمع. والحجة لمن حذفها أنه أراد: الجمع فقط، فأما القرق بين السّوار والأسوار فالسّوار لليد، والأسوار من أساورة الفرس.
قوله تعالى: فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً «1». يقرأ بفتح السين واللام وبضمهما. فالحجة لمن فتح: أنه أراد: جمع «سالف». والحجة لمن ضم: أنه أراد: جمع «سليف».
قوله تعالى: يَصِدُّونَ «2». يقرأ بكسر الصاد وضمها. فالحجة لمن ضم: أنه أراد:
يعدلون ويعرضون، ودليله قوله: وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ «3». والحجة لمن كسر: أنه أراد: يصيحون، ودليله على ذلك مجيء «منه» قبلها ولو كانت بمعنى الإعراض لجاءت معها «عن» كقوله: أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ «4». وقيل: كسر الصاد، وضمها، وإدخال الألف في أول الفعل وإخراجها بمعنى واحد.
قوله تعالى: يا أَيُّهَا السَّاحِرُ «5». يقرأ بطرح الألف والوقوف على الهاء ساكنة، وبإثبات الألف والوقوف عليها. وقد تقدّم القول في علله آنفا.
فإن قيل: لم نحلوه: اسم السّحر، وقد سألوه الدعاء لهم؟ فقل: في ذلك جوابان، أحدهما: أن السّحر في اللغة: دقّة العلم بالشيء، ولطافة النّظر، وحسن العبارة بأطرف الألفاظ. ومنه قولهم: فلان يسحر بكلامه، ويسمون هذا الضرب: السّحر الحلال.
والثاني: أنهم خاطبوه بما كان قد تقدّم له عندهم من تشبيهه بالساحر، لأن الأغلب عليهم كان السحر في زمانه.
قوله تعالى: أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ «6». يقرأ بكسر الهمزة وفتحها. فالحجة لمن كسر: أنه جعل الكلام تامّا عند قوله «إِذْ ظَلَمْتُمْ» ثم استأنف (إنكم) فكسرها.
والحجة لمن فتح: أنه جعل آخر الكلام متّصلا بأوله «7» فكأنه قال: ولن ينفعكم اليوم
__________
(1) الزخرف: 56.
(2) الزخرف: 57.
(3) الأنعام: 35.
(4) المائدة: 42.
(5) الزخرف: 49.
(6) الزخرف: 39.
(7) إذ في قوله تعالى: إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ إلخ .. مشكلة، لأنها ظرف زمان ماض، واليوم المذكور ليس بماض.
وقال ابن جني في مساءلته أبا عليّ: راجعته فيها مرارا، فآخر ما حصل منه: أن الدنيا والآخرة متصلتان وهي

الصفحة 322