كتاب الحجة في القراءات السبع

«كلا»: أنه أعمل فيه «وعد» مؤخرا كما يعملها مقدّما. والحجة لمن رفع: أنه ابتدأ «كلّا» وجعل الفعل بعده خبرا عنه، وعدّاه إلى الضمير بعده. يريد: وكل وعده الله الحسنى، ثم خزل الهاء تخفيفا لأنها كناية عن مفعول، وهو فضلة في الكلام. قال الشاعر:
ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا ... فأخزى الله رابعة تعود
«1» أراد: قتلتهنّ.
قوله تعالى: فَيُضاعِفَهُ «2». يقرأ بإثبات الألف والتخفيف، وبحذفها والتشديد.
فالحجة لهما مذكورة فيما تقدم «3».
قوله تعالى: انْظُرُونا «4» يقرأ بوصل الألف، وضم الظّاء، وبقطعها وكسر الظاء.
فالحجة لمن وصل: أنه جعله من الانتظار. والحجة لمن قطع: أنه جعله بمعنى التأخير.
قوله تعالى: وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ «5». يقرأ بالتشديد والتخفيف. وقد ذكر فيما مضى «6» قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ «7». يقرءان بتشديد الصاد وتخفيفها. فالحجة لمن شدد: أنه أراد: المتصدقين فأسكن التاء وأدغمها في الصاد، فالتشديد لذلك. والحجة لمن خفف: أنه حذف التاء تخفيفا واختصارا.
قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ «8» «9». يقرأ بإثبات «هو». بين الاسم والخبر، وبطرحه. فالحجة لمن أثبته: أنه جعله فاصلة عند البصريين وعمادا عند الكوفيين، ليفصل بين النعت والخبر، وله وجه آخر في العربية، وهو: أن يجعل «هو» اسما مبتدأ «والغنيّ» خبر، فيكونا جملة في موضع رفع خبر إنّ، ومثله إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ «10».
__________
(1) قال الأعلم: استشهد به سيبويه على رفع «كل» مع حذف الضمير. من الفعل. وقال البغدادي: هذا البيت
(2) لا يعرف ما قبله، ولا ما بعده ولا قائله. انظر: (الخزانة 1: 177، والكتاب 1: 44).
(3) الحديد: 11.
(4) انظر: 98.
(5) الحديد: 13.
(6) الحديد: 16.
(7) انظر: 84.
(8) الحديد: 18.
(9) الحديد: 24.
(10) الكوثر: 3.

الصفحة 342