كتاب الحجة في القراءات السبع

فلا يجوز فتح الفاء هاهنا، لأن الفعل له ولم يفعل ذلك أحد به. والحجة لمن فتح:
أنه جعلهن مفعولا بهن، لم يسم فاعلهن.
وسمع أعرابي قارئا يقرأ: «كأنهن حمر مستنفرة» بفتح الفاء فقال: طلبها قسورة فلما سمع «فرت من قسورة» قال: مستنفرة إذن. فالقسورة: الرّماة. والقسورة: الأسد، فأما قول امرئ القيس:
وعمرو بن درماء الهمام إذ مشى ... بذي شطب عضب كمشية قسورا
«1» فإنه أراد: «قسورة» ثم رخم الهاء. وأتى بألف القافية.
قوله تعالى: كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ «2». يقرأ بالياء والتاء. فالحجة لمن قرأه بالياء: أنه ردّه على قوله: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ «3». والحجة لمن قرأه بالتاء: أنه جعلهم مخاطبين فدلّ عليهم بالتاء.
قوله تعالى: وَما يَذْكُرُونَ «4». يقرأ بالياء إجماعا إلّا ما تفرّد به (نافع) من التاء على معنى الخطاب. فأما تخفيفه فإجماع.

ومن سورة القيامة
قوله تعالى: لا أُقْسِمُ «5». يقرأ بالمدّ والقصر. فالحجة لمن مدّ: أنه أراد: دخول (لا) على (أقسم) وفي دخولها غير وجه:
قال قوم: هي زائدة صلة للكلام، والتقدير: أقسم بيوم القيامة.
__________
ابن خالويه. وتتفق رواية أبي حيان في البحر مع رواية الطبري. وغرّب بضم أوله، وتشديد ثانيه وفتحة موضع تلقاء «السّتار». وقال علقمة بن عبدة:
لليلى،، فلا تبلى نصيحة بيننا ... ليالي حلّوا بالسّتار فغرّب
انظر: (البحر المحيط لأبي حيان: 3808، ومعجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع 3: 994).
(1) قال في اللسان: القسورة اسم جامع للرّماة، ولا واحد له من لفظه. وقال ابن الأعرابي: القسورة: الرّماة.
والقسورة: الأسد (اللسان: مادة: قسر) وعمرو بن درماء: هو: عمرو بن عدي، ودرماء: أمّه ونسب إليها.
ذو شطب: سيف فيه جزور. العضب: القاطع. القسور: الأسد (ديوان امرئ القيس: 349).
(2) المدثر: 53.
(3) المدثر: 52.
(4) المدثر: 56.
(5) القيامة: 1.

الصفحة 356