كتاب الحجة في القراءات السبع

قوله تعالى: رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ «1» يقرأ «ربّ» و «الرحمن» بالرفع والخفض فيهما، وبخفض «رب» ورفع «الرحمن». فالحجة لمن رفعهما:
أنه استأنفهما مبتدئا ومخبرا فرفعهما. والحجة لمن خفضهما: أنه أبدلهما من قوله تعالى:
جَزاءً مِنْ رَبِّكَ «2» ربّ السموات والأرض الرّحمن، والحجة لمن خفض الأول: أنه جعله بدلا، ورفع الثاني مستأنفا، والخبر قوله: «لا يملكون منه»، لأن الهاء التي في «منه» عائدة عليه.

ومن سورة النازعات
قوله تعالى: أَإِذا كُنَّا عِظاماً «3» مذكور في نظائره «4».
قوله تعالى: نَخِرَةً «5». يقرأ بإثبات الألف وحذفها، فالحجة لمن أثبت: أنه أراد: عظاما عارية من اللحم مجوّفة. والحجة لمن حذف: أنه أراد: بالية، قد صارت ترابا. وقيل هما لغتان: مثل: طمع، وطامع. والأجود إثبات الألف ليوافق اللفظ ما قبلها وبعدها من رءوس الآي.
قوله تعالى: طُوىً اذْهَبْ «6». يقرأ بالتنوين، وكسره لالتقاء الساكنين. وبحذف التنوين، وإسكان الياء. وقد ذكرت علله في سورة «طه» مستقصاة «7».
قوله تعالى: إِلى أَنْ تَزَكَّى «8». يقرأ بالتشديد والتخفيف على ما ذكرناه في نظائره.
ومعنى التخفيف هاهنا: أن يكون زاكيا. ومعنى التشديد: أن يتفعل من الزكاة أي يتصدق.
وموسى لا يدعو فرعون مع علمه بكفره إلى أن يتصدق «9». ودليله قوله: أقتلت نفسا زاكية «10» وزكية، ولم يقل: متزكية «11».
قوله تعالى: أَإِنَّا «12» يقرأ بهمزتين محققتين وتشديد النون، وبهمزة وياء ونون مشددة وبهمزة ونونين، الأولى: مشددة. وقد ذكرت علله فيما سلف بما يغني عن إعادة قول فيه في هذا الموضع «13».
__________
(1) النبأ: 37.
(2) النبأ: 36.
(3) النازعات: 11.
(4) انظر: 161.
(5) النازعات: 11.
(6) النازعات: 16، 17.
(7) انظر: 230.
(8) النازعات: 18
(9) دفاع ابن خالويه عن قراءة التخفيف.
(10) الكهف: 74.
(11) لأن «متزكّية» فعلها زكّى، وهو رباعي.
(12) النازعات: 10.
(13) انظر: 161.

الصفحة 362