كتاب الحجة في القراءات السبع

هذه النسبة بلا النافية، ثم تعود بعد ذلك لتنفي ما نفيت، هذا أمر لا يتلاءم مع منهج البحث.
(2) أثبت الناقد في السطور الأخيرة من نقده: «أن الذي تميل إليه النفس هو أن كتاب الحجة هذا هو أحد المختصرات التي اختصر بها كتاب الحجة الأصلي لأبي علي الفارسي لعالم مجهول».
أقول:
إن الناقد الفاضل نقد نفسه بهذا القول، ألم يقل بعد ذلك بسطور «والذي يجعلنا نميل إلى نفي هذه النسبة هو أن جميع المصادر التي ترجمت لابن خالويه لم تذكر في قائمة كتبه تأليفه الحجة، ولم يعرّج أصحاب المعاجم والفهارس وطبقات القراء عليه» هذا القول ذاته موجه إليك يا سيدي، فإذا كان حجّة ابن خالويه مختصرا لحجة الفارسي فلم لم تشر إليه المعاجم والفهارس وطبقات القراء مع شدة اعتناء العلماء بحجة الفارسي، فقد ذكروا أن مكّي ابن أبي طالب المتوفي 437 هـ اختصره في كتاب سماه: منتخب الحجّة في القراءات، واختصره أيضا أبو طاهر اسماعيل بن خلف الأندلسي المتوفي 455 هـ، ومحمد بن شريح الرعيني المتوفي 476 هـ. «1»
ولم يشر أحد إلى أن عالما مجهولا لخّص حجه الفارسيّ، وبذلك يكون الناقد وقع فيما نقد به غيره.
والحقيقة أن حجة ابن خالويه تبعد كل البعد أن تكون تلخيصا أو اختصارا لحجة الفارسي، وذلك لأمرين:
أ- إن مقدمة حجة ابن خالويه تختلف في منهجها عن مقدّمة الحجة للفارسي، فابن خالويه يقول في مقدمته: «وبعد، فإني قد تدبّرت قراءة الأئمة السبعة من أهل الأمصار الخمسة المعروفين بصحة النقل، واتقان الحفظ، المأمونين على تأدية الرواية واللفظ، فرأيت كلّا منهم قد ذهب في إعراب ما انفرد به من حرفه مذهبا من مذاهب العربية لا يدفع. وقصد من القياس وجها لا يمنع فوافق باللفظ والحكاية طريق النقل والرواية، إلى أن يقول: وأنا بعون الله ذاكر في كتابي هذا ما احتجّ به أهل صناعة النحو لهم في
__________
(1) البقية: 297 - 195، وكشف الظنون 2 - 244.

الصفحة 52