كتاب الحجة في القراءات السبع

في إمالة ذوات الراء حتى أمالوا «برى وترا» «1». وكذلك فرّق (أبو عمرو) «2» بين ذوات الراء وبين غيرها، واللفظ بهما واحد، فقرأ مِنْ أَصْوافِها «3» بالتفخيم وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها «4» بالإمالة.
قوله تعالى: بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ «5». يقرأ بالإمالة والتفخيم. وبينهما، وكذلك ما ضارعه من ذوات الياء اسما كان أو فعلا «6». فمن فخّم فالحجة له: أنه أتى بالكلام على أصل ما وضع له. والحجة لمن أمال: أنه قرّب الحرف المستعلى «7» من الياء ليعمل لسانه بالنطق من موضع واحد. والحجة لمن قرأ «بين بين»: أنه ساوى بين اللفظين. فأمّا (حمزة) «8» فأمال ذوات الياء، وفخم ذوات الواو، ليفرّق بين المعنيين.
قوله تعالى: مَشَوْا فِيهِ «9». قرأ ابن كثير «10» بإشباع كسرة «11» الهاء، ووصلها بالياء، وكذلك كل هاء قبلها «12». فإن كان قبل الهاء حرف مفتوح أو ساكن ضم الهاء، ووصلها بواو نحو: «فقدّر هو» «13». «فلما كشفنا عنه ضرّهو» «14». والحجة له في ذلك أن الهاء حرف خفي، فقوّاه بحركته وحرف من جنس الحركة. وقرأ الباقون بإشارة إلى الضم والكسر من غير إثبات حرف بعد الهاء. والحجة لهم في ذلك: أنهم كرهوا أن يجمعوا بين حرفين ساكنين ليس بينهما حاجز إلا الهاء، وهي حرف خفيّ، فأسقطوه «15»،
__________
(1) الوتر: محركة: شرعة القوس ومعلقها، جمعها: أوتار (القاموس: مادة: وتر).
(2) سبقت ترجمته: 61
(3) النحل: 80
(4) النحل: 80.
(5) البقرة: 16.
(6) مثل: أتى- أبى- سعى- يخشى- يرضى- الخ.
(7) الاستعلاء هنا: معناه العلو.
(8) انظر: 61
(9) البقرة: 20
(10) انظر: 61
(11) في الأصل: همزة الهاء وهو تحريف.
(12) انظر: التيسير: 29، وشرح ابن القاصح على الشاطبية: 49.
(13) الفرقان: 2
(14) يونس: 12
(15) أي: الحرف الموصول بالهاء

الصفحة 71