كتاب الحجة في القراءات السبع

طرحها لا يزيل لفظا ولا يحيل «1» معنى، فاستجاز ذلك.
قال الشاعر:
يرى للمسلمين عليه حقّا ... كفعل الوالد الرّؤف الرّحيم
«2» قوله تعالى: هُوَ مُوَلِّيها «3». قرأه (ابن عامر): «مولاها». والحجة له في ذلك: أنه جعل «المولى» مفعولا به. وأصله موليها، فلما تحركت الياء انقلبت ألفا. والحجّة لمن قرأها بالياء وكسر اللام: أنه أراد: مولي وجهه إليها، فتكون الهاء كناية عن محذوف لأن كلّا يقتضي مضافا. و «المولى» هاهنا: هو الفاعل.
قوله تعالى: لِئَلَّا يَكُونَ «4». يقرأ بالهمز وتركه. فالحجّة لمن همز: أنه أتى باللفظ على الأصل، لأنها (أن) دخلت عليها اللام. والحجّة لمن خفف: أن العرب تستثقل الهمز ولا زيادة معه، فلما قارن الهمزة لام مكسورة، واجتمع في الكلمة كسر اللام وزيادتها، ثقل الهمز ليّنها تخفيفا، وقلبها ياء للكسرة التي قبلها.
قوله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً «5». يقرأ بالتاء وفتح العين، وبالياء وإسكان العين «6».
فالحجة لمن قرأ بالتاء والفتح: أنه جعله فعلا ماضيا على بنائه في موضع الاستقبال، لأن الماضي يقوم مقام المستقبل في الشرط. والجواب الفاء في قوله: (فهو خير له). والحجّة لمن قرأ بالياء وإسكان العين: أنه أراد: يتطوّع فأسكن التاء، وأدغمها في الطاء، وبقّى الياء ليدل بها على الاستقبال، وجزمه بحرف الشرط.
__________
أجده، وانفرد البغدادي بذكره في الخزانة، لا على أنه من أبيات الشواهد ولكنه ورد ضمن قصيدة مدح بها أمية النبيّ عليه السلام.
أولها:
لك الحمد والمن ربّ العبا ... د أنت المليك وأنت الحكم
إلى أن قال: نبي هدى الخ ..
انظر: (خزانة الأدب لعبد القادر بن عمر البغدادي 1: 252 تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون).
(1) يحيل: يفسد.
(2) (البحر المحيط 1: 247)، (اللسان: مادة: رأف).
(3) البقرة: 148.
(4) البقرة: 150.
(5) البقرة: 184.
(6) قراءة حمزة والكسائي. انظر: (شرح ابن القاصح ص: 62).

الصفحة 90