قوله تعالى: مِنْ مُوصٍ «1». يقرأ: بفتح الواو «2» وتشديد الصاد، وبإسكان الواو وتخفيف الصاد. فالحجّة لمن شدّد: أنه أخذه من: «وصّى». ودليله قوله: وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ «3». والحجّة لمن خفّف: أنه أخذه من: أوصى. ودليله قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ «4» قوله تعالى: فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ «5» يقرأ بالتنوين والتوحيد، وبالإضافة والجمع.
فالحجة لمن رفع ووحد: أن «الفدية» مبتدأ و «طعام» بدل منها، و «مسكين» واحد، لأن عليه عن كل يوم يفطره إطعام مسكين. والحجة لمن أضاف «6» وجمع: أنه جعل الفدية عن أيام متتابعة لا عن يوم واحد.
قوله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ «7». يقرأ بالتشديد والتخفيف. فالحجة لمن شدّد: تكرير فعل الصيام في الشهر إلى إتمام عدته. والحجة لمن خفف: أنه جعل عقد شهر رمضان عقدا واحدا. ودليله: قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ «8».
قوله تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «9». يقرأ وما شاكله من الجموع بالضم والكسر.
فالحجة لمن ضم: أنه أتى بالكلام على أصل ما وجب للجمع، لأن هذا الوزن ينقسم في الكلام قسمين: جمعا كقولك: «فلوس». ومصدرا كقولك: «قعد قعودا». والحجة لمن كسر: أنه لما كان ثاني الكلمة ياء كرهوا الخروج من ضم إلى ياء، فكسروا أول الاسم لمجاورة الياء، ولم يجمعوا بين ضمتين، إحداهما على ياء.
فإن قيل: فما حجّة من ضم العين من «العيون» والجيم من «الجيوب» وكسر الباء من «البيوت»؟ فقل: العين حرف مستعل مانع من الإمالة، فاستثقل الكسر فيه فبقّاه على أصله، والجيم حرف شديد متفشّ «10»، فثقل عليه أن يخرج به من كسر إلى ضم، فأجراه على
__________
(1) البقرة: 182.
(2) وهي قراءة حمزة (شرح رسالة حمزة: 49).
(3) الشورى: 13.
(4) النساء: 11.
(5) البقرة: 184.
(6) أي أضاف الفدية إلى الطعام وجمع «مسكين».
(7) البقرة: 185.
(8) المائدة: 3.
(9) البقرة: 189.
(10) لأنها من الحروف الشجرية، ومخرجها من وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك (النشر 1: 200).