كتاب الهجمات المغرضة على التاريخ الإسلامي

تطور وسقوط نظام الخلافة الإسلامية، وقدم نظريته التي يؤمن بها، ودافع عنها دون عرض لوجهات النظر الأخرى.
اتجاه خطير
وهناك اتجاه فكرى خاطىء غير إسلامي ترك آثارًا سلبية خطيرة على التاريخ الإسلامي، وهو الاتجاه المتمثل في نظرية التفريق بين الدنيا والدين، أو بين الدين والدولة، ومن المسلم به أنه لا مجال -أىّ مجال- لهذه النظرية في المبادىء الإسلامية، فهذه النظرية من نتاج الرهبانية النصرانية، وقد دخلت الإسلام عن طريق التصوف الذي خضع بدوره إلى تأثره بالفلسفات المسيحية والبوذية والهندوكية، فطريقة الزهد والتنسك في الحياة في القرون الأولى إنما كانت ردّ فعل للمادية الشديدة وحب الدنيا الذي طغى وسيطر بشدة على بعض طبقات المجتمع الإسلامي.
فقد قام الزهاد والنساك المسلمون بخوض معركة الدفاع عن الدين حتى يقيموا التوازن بين الدين والدنيا، وهو الأمر الذي يمثل أساس الإسلام. وكان هذا الأمر بذاته هو هدف التصوف الإسلامي في البداية إلا أنه حين بدأت عناصر غير إسلامية تدخل فيه كانت النتيجة التي لمسناها هي التفريق بين الدين والدنيا، فانكمش الدين ليصبح مجموعة من الرسوم قائمة على بعض العبادات، وأصبحت السياسة والتجارة والزراعة والحكم والخدمات العسكرية كلها من أمور الدنيا التي يصبح الارتباط بها ضروريًا للنجاة الأخروية والفلاح الدنيوى. ولقد قام بعض الخلفاء المسلمين والسلاطين وبعض الولاة والحكام فأوضحوا أن السياسات الخاطئة، والأعمال غير الصحيحة ليست من الإسلام، وأدوا بلا شك فريضة النهي عن المنكر وأقاموا الأصول الإسلامية، إلا أنهم من جانب آخر لم يحاولوا محاولة جادة الوقوف في وجه الاتجاهات اللا إسلامية، فلم يؤدوا مبدأ " الأمر بالمعروف " بل اتجهوا بدلاً من هذا إلى

الصفحة 22